قوله تعالى: { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمَن يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ
أُنزِلَ إِلَيْهِمْ } اختلفوا في سبب نزولها على قولين:
أحدهما: أنها نزلت في النجاشي، روى سعيد بن المسيب عن جابر بن
عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أُخْرُجُوا فَصَلُّواْ عَلَى أخٍ لَكُم فَصَلَّى بِنَا أَرْبَعَ
تَكْبِيراتٍ، فَقَالَ هَذَا النَجَّاشِيُّ أصحمة" فَقَالَ المْنَافِقُونَ: انظرواْ إلى هذا يصلي
على علج نصراني لم يره قط فأنزل الله تعالى هذه الآية، وهو قول قتادة.
والثاني: أنها نزلت في عبد الله بن سلام وغيره من مُسلمة أهل الكتاب،
وهذا قول مجاهد، وابن جريج.
قوله تعالى: { يَاَ أيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ أصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُوا } فيه أربعة
تأويلات: -
أحدها: اصبرواْ على طاعة الله، وصابرواْ أعداء الله، ورابطواْ في سبيل
الله، وهو قول الحسن، وقتادة، وابن جريج، والضحاك.
والثاني:اصبرواْ على دينكم، وصابرواْ الوعد الذي وعدكم، ورابطواْ
عدوي وعدوكم، وهو قول محمد بن كعب.
والثالث: اصبرواْ على الجهاد، وصابرواْ العدو، ورابطواْ بملازمة الثغر،
وهو مأخوذ من ربط النفس، ومنه قولهم ربط الله على قلبه بالصبر، وهو معنى قول
زيد بن أسلم.
والرابع: رابطوا على الصلوات بانتظارها واحدة بعد واحدة: روى
العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَلاَ
أَدُلَّكُم عَلَى مَا يَحِطُّ بِه اللهُ الخَطَايَا ويَرْفُعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ قَالُواْ بَلَى يَا رَسُولَ الله،
قَالَ: إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ عَلَى المَكَارِهِ، وَكَثْرةُ الخُطَا إلىَ المَسَاجِدِ وَانتِظار الصَّلاَةِ بَعْدَ
الصَّلاةِ، فَذّلِكُمُ الرَّباط" .
انتهت سورة آل عمران