قوله عز وجل: {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ} معناه أنه رضيها في النذر
الذي نذرته بإخلاص العبادة في بيت المقدس.
{وَأَنبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً} يعني أنشأها إنشاءً حسناً في غذائها وحسن تربيتها.
{وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} قرأ أهل الكوفة {وَكَفَّلَهَا} بالتشديد، ومعنى ذلك أنه
دفع كفالتها إلى غيره. وقرأ الباقون: {كفَلَهَا} بالتخفيف، ومعنى ذلك أنه أخذ
كفالتها إليه.
{كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ} وهو معروف، وأصله أنه أكرم موضع
في المجلس.
{وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً} فيه قولان:
أحدهما: أن الرزق الذي أتاها فاكهة الصيف في الشتاء، وفاكهة الشتاء في
الصيف، وهذا قول ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وقتادة، والسدي.
والثاني: أنها لم تطعم ثدياً قط حتى تكلمت في المهد، وإنما كان يأتيها
رزقها من الجنة، وهذا قول الحسن.
واختلف في السبب الذي يأتيها هذا الرزق لأجله على قولين:
أحدهما: أنه كان يأتيها بدعوة زكريا لها.
والثاني: أنه كان ذلك يأتيها لنبوة المسيح عليه السلام.
{قَالَ: يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا؟ قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللَّهِ} فيه قولان:
أحدهما: أن الله تعالى كان يأتيها بالرزق.
والثاني: أن بعض الصالحين من عباده سخره الله تعالى لها لطفاً منه بها حتى
يأتيها رزقها. والأول أشبه.
{إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} فيه قولان:
أحدهما: أنه حكاية عن قول مريم بعد أن قالت هو من عند الله.
والقول الثاني: أنه قول الله تعالى بعد أن قطع كلام مريم.