قوله: { وَمِنْ ءَايَاتِهِ أَن يُرْسِلَ الرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ } قال الضحاك: بالغيث.
ويحتمل وجهاً ثانياً: بخصب الزمان وصحة الأبدان.
وقال أُبي بن كعب: كل شيء في القرآن من الرياح فهو رحمة، وكل شيء في
القرآن من الريح فهو عذاب.
وقال عبد الله بن عمر: الريح ثمانية، أربعة منها رحمة وأربعة منها عذاب، فأما
الرحمة فالناشرات والمبشرات والمرسلات والذاريات، وأما العذاب فالعقيم
والصرصر وهما في البر، والعاصف والقاصف وهما في البحر.
{ وَلِيُذِيقَكُم مِّن رَّحْمَتِهِ } فيه تأويلان:
أحدهما: بردها وطيبها، قاله الضحاك.
الثاني: المطر، قاله مجاهد وقتادة.
{ وَلِتَجْزِي الْفُلْكُ } يعني السفن.
{ بِأمْرِهِ... } يحتمل وجهين:
أحدهما: بقدرته في تسييرها.
الثاني: برحمته لمن فيها.
{ ... وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } يعني ما عدّده من نعمه فتطيعوه لأن طاعة العبد لربه
في شكره لنعمته إذ ليس مع المعصية شكر ولا مع كفر النعمة طاعة.
قوله: { ... وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ } فيه وجهان:
أحدهما: نصر الأنبياء بإجابة دعائهم على المكذبين لهم من قومهم، قاله
يحيى بن سلام.
الثاني: نصر المؤمنين بإيجاب الذبّ عن أعراضهم، روت أم الدرداء، قالت
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَا مِنِ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ يَرُدُّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ إِلاَّ كَانَ
حَقّاً عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَن يَرُدَّ عَنْهُ نَارَ جَهَنَّمَ يَوْمَ القِيَامِةِ" ثم تلا هذه الآية { وَكَانَ حَقّاً
عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ }.