التفاسير

< >
عرض

وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ
١٢
وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ
١٣
فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ
١٤
-السجدة

النكت والعيون

قوله تعالى: { وَلَوْ تَرَى إِذِ الْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُسِهِم عِند رَبِّهمُ } أي عند محاسبة ربهم وفيه أربعة أوجه:
أحدها: من الغم، قاله ابن عيسى.
الثاني: من الذل، قاله ابن شجرة.
الثالث: من الحياء،حكاه النقاش.
الرابع: من الندم، قاله يحيى بن سلام.
{ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا } فيه وجهان:
أحدهما: أبصرنا صدق وعيدك وسمعنا تصديق رسلك، قاله ابن عيسى.
الثاني: أبصرنا معاصينا وسمعنا ما قيل فينا، قال قتادة، أبصروا حين لم ينفعهم البصر وسمعوا حين لم ينفعهم السمع.
{ فَارْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } أي ارجعنا إلى الدنيا نعمل فيها صالحاً.
{ إِنَّا مُوقِنُونَ } فيه وجهان:
أحدهما: مصدقون بالبعث، قاله النقاش.
الثاني: مصدقون بالذي أتي به محمد صلى الله عليه وسلم أنه حق، قاله يحيى بن سلام.
قال سفيان: فأكذبهم الله فقال:
{ { وَلَو رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنهُ } [الأنعام: 28] الآية.
قوله تعالى: { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍٍ هُدَاهَا } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: هدايتها للإيمان.
الثاني: للجنة.
الثالث: هدايتها في الرجوع إلى الدنيا لأنهم سألوا الرجعة ليؤمنوا.
{ وَلَكِنْ حَقَّ الْقَولُ مِنِّي } فيه وجهان:
أحدهما: معناه سبق القول مني، قاله الكلبي ويحيى بن سلام.
الثاني: وجب القول مني، قاله السدي كما قال كثير:

فإن تكن العتبى فأهلاً ومَرْحباً وحقت لها العتبى لدنيا وقلّت

{ لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِن الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ } يعني من عصاه من الجنة والناس. وفي الجنة قولان:
أحدهما: أنه الجن، قاله ابن كامل.
الثاني: أنهم الملائكة، رواه السدي عن عكرمة، وهذا التأويل معلول لأن الملائكة لا يعصون الله فيعذبون. وسموا جنة لاجتنانهم عن الأبصار ومنه قول زيد بن عمرو:

عزلت الجن والجنان عني كذلك يفعل الجلد الصبور

قوله: { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَذَا } فيه وجهان:
أحدهما: فذوقوا عذابي بما تركتم أمري، قال الضحاك.
الثاني: فذوقوا العذاب بما تركتم الإيمان بالبعث في هذا اليوم، قاله يحيى بن سلام.
{ إِنَّا نَسِينَاكُمْ } فيه وجهان:
أحدهما: إنا تركناكم من الخير، قاله السدي.
الثاني: إنا تركناكم في العذاب، قاله مجاهد.
{ وَذُوقُوا عَذَابَ الْخُلْدِ } وهو الدائم الذي لا انقطاع له.
{ بِمَ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ } يعني في الدنيا من المعاصي، وقد يعبر بالذوق عما يطرأ على النفس وإن لم يكن مطعوماً لإحساسها به كإحساسها بذوق الطعام، قال ابن أبي ربيعة:

فذُقْ هجرها إن كنت تزعم أنه رشاد ألا يا رب ما كذب الزعم