التفاسير

< >
عرض

وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَآ إِنَّا بِمَآ أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ
٣٤
وَقَالُواْ نَحْنُ أَكْثَـرُ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ
٣٥
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ
٣٦
وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بِٱلَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَىٰ إِلاَّ مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمْ جَزَآءُ ٱلضِّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ وَهُمْ فِي ٱلْغُرُفَاتِ آمِنُونَ
٣٧
وَٱلَّذِينَ يَسْعَوْنَ فِيۤ آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَـٰئِكَ فِي ٱلْعَذَابِ مُحْضَرُونَ
٣٨
قُلْ إِنَّ رَبِّي يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ وَمَآ أَنفَقْتُمْ مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ
٣٩
-سبأ

النكت والعيون

قوله عز وجل: { وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ } يعني من نبي ينذرهم بعذاب الله.
{ إلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا } فيهم ثلاثة تأويلات:
أحدها: يعني جبابرتها، قاله ابن جريج.
الثاني: أغنياؤها، قاله يحيى بن سلام.
الثالث: ذوو النعم والبطر، قاله ابن عيسى.
قوله عز وجل: { نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وأَوْلاَداً } قالوا ذلك للأنبياء والفقراء ويحتمل قولهم ذلك وجهين:
أحدهما: أنهم بالغنى والثروة أحق بالنبوة.
الثاني: أنهم أولى بما أنعم الله عليهم من الغنى أن يكونوا على طاعة.
{ وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } يحتمل وجهين:
أحدهما: أي ما عذبنا بما أنتم فيه من الفقر.
الثاني: أي ما أنعم الله علينا بهذه النعمة وهو يريد عذابنا، فرد الله تعالى عليهم ما احتجوا من الغنى فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم.
{ قُلْ إنَّ رَبِّي يُبْسُطُ الرّزْقَ لِمَن يَشَآءُ } أي يوسعه. { وَيَقْدِرُ } فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: أن يقترعليه، قال الحسن يبسط لهذا مكراً به، ويقدر لهذا نظراً له.
الثاني: بنظره له، رواه حصين بن أبي الجميل.
الثالث: بخير له،رواه حارث بن السائب.
{ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أن الله يوسع على من يشاء ويقتر على من يشاء.
قوله عز وجل: { وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلآ أَوْلاَدُكُمْ بالتَّي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى } قال مجاهد: أي قربى والزلفة القربة، ويحتمل وجهين:
أحدهما: أن أموالكم في الدنيا لا تدفع عنكم عذاب الآخرة.
الثاني: أن إنعامنا بها عليكم في الدنيا لا يقتضي إنعامنا عليكم بالجنة في الآخرة.
{ إلاَّ مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً } روى ليث عن طاووس أنه كان يقول اللهم ارزقني الإيمان والعمل، وجنبني المال والولد، فإني سمعت فيما أوحيْتَ { وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بَالَّتِي تُقَرِّبْكْمُ عِندَنَا زُلْفَى إلاَّ مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صالِحاً }.
{ فَأُوْلئِكَ لَهُمْ جَزَآءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ } فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه أضعاف الحسنة بعشر أمثالها، وأضعاف الدرهم بسبعمائة، قاله ابن زيد.
الثاني: أن المؤمن إذا كان غنياً تقياً آتاه الله أجره مرتين بهذه الآية، قاله محمد بن كعب.
الثالث: يعني فله جزاء مثل عمله لأن الضعف هو المثل ويقتضي ذلك المضاعفة، قاله بعض المتأخرين.
{ وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ ءَامِنُونَ } يعني غرفات الجنة.
{ ءَامِنُونَ } فيه أربعة أقاويل:
أحدها: آمنون من النار، قاله يحيى ابن سلام.
الثاني: من انقطاع النعم، قاله النقاش.
الثالث: من الموت، قاله مقاتل.
الرابع: من الأحزان والأسقام.
قوله عز وجل: { وَمآ أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ } فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: فهو يخلفه إن شاء إذا رأى ذلك صلاحاً كإجابة الدعاء، قاله ابن عيسى.
الثاني: يخلفه بالأجر في الآخرة إذا أنفقه في طاعة، قاله السدي.
الثالث: معناه فهو أخلفه لأنه نفقته من خلف الله ورزقه، قاله سفيان بن الحسين.
ويحتمل رابعاً: فهو يعني عنه.