التفاسير

< >
عرض

فَٱسْتَفْتِهِمْ أَهُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَم مَّنْ خَلَقْنَآ إِنَّا خَلَقْنَاهُم مِّن طِينٍ لاَّزِبٍ
١١
بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ
١٢
وَإِذَا ذُكِّرُواْ لاَ يَذْكُرُونَ
١٣
وَإِذَا رَأَوْاْ آيَةً يَسْتَسْخِرُونَ
١٤
وَقَالُوۤاْ إِن هَـٰذَآ إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ
١٥
أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً وَعِظَاماً أَءِنَّا لَمَبْعُوثُونَ
١٦
أَوَ آبَآؤُنَا ٱلأَوَّلُونَ
١٧
قُلْ نَعَمْ وَأَنتُمْ دَاخِرُونَ
١٨
فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ فَإِذَا هُمْ يَنظُرُونَ
١٩
-الصافات

النكت والعيون

قوله عز وجل: { فاستفتهم أهم أشد خلقاً } فيه وجهان:
أحدهما: فسلهم قال قتادة، مأخوذ من استفتاء المفتي.
الثاني: فحاجِّهم أيهم أشد خلقاً، قاله الحسن.
{ أم مَنْ خلقنا } فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: من السموات والأرض والجبال، قاله مجاهد.
الثاني: من الملائكة، قاله سعيد بن جبير.
الثالث: من الأمم الماضية فقد هلكوا وهم أشد خلقاً منهم، حكاه ابن عيسى.
{ إنَّاخلقناهم مِن طينٍ لازبٍ } فيه أربعة تأويلات:
أحدها: لاصق، قاله ابن عباس منه قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

تعلم فإن الله زادك بسطة وأخلاق خير كلها لك لازب

الثاني: لزج، قاله عكرمة.
الثالث: لازق، قاله قتادة.
والفرق بين اللاصق واللازق أن اللاصق هو الذي قد لصق بعضه ببعض، واللازق هو الذي يلزق بما أصابه.
الرابع: لازم، والعرب تقول طين لازب ولازم، وقال النابغة:

ولا تحسبون الخير لا شر بعده ولا تحسبون الشر ضربة لازب

نزلت هذه الآية في ركانة بن زيد بن هاشم بن عبد مناف وأبي الأشد ابن أسيد بن كلاب الجمحي.
قوله عز وجل: { بل عجبت ويسخرون } وفي { عجبت } قراءتان:
إحداهما: بضم التاء، قرأ بها حمزة والكسائي، وهي قراءة ابن مسعود، ويكون التعجب مضافاً إلى الله تعالى، وإن كان لا يتعجَّبُ من شيء لأن التعجب من حدوث العلم بما لم يعلم، واللَّه تعالى عالم بالأشياء قبل كونها.
وفي تأويل ذلك على هذه القراءة وجهان:
أحدهما: يعني بل أنكرت حكاه النقاش.
الثاني: هو قول علي بن عيسى أنهم قد حلّوا محل من يتعجب منه.
والقراءة الثانية: بفتح التاء قرأ بها الباقون، وأضاف التعجب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه قال: بل عجبت يا محمد، قاله قتادة.
وفيما عجبت منه قولان:
أحدهما: من القرآن حين أعطيه، قاله قتادة.
الثاني: من الحق الذي جاءهم به فلم يقبلوه، وهو معنى قول ابن زياد.
وفي قوله { وتسخرون } وجهان:
أحدهما: من الرسول إذا دعاهم.
الثاني: من القرآن إذا تلي عليهم.
قوله عز وجل: { وإذا ذكِّروا لا يذكرون } فيه وجهان:
أحدهما: وإذا ذكروا بما نزل من القرآن لا ينتفعون، وهو معنى قول قتادة.
والثاني: وإذا ذكروا بمن هلك من الأمم لا يبصرون، وهو معنى ما رواه سعيد.
قوله عز وجل: { وإذا رأوا آيةً يَسْتَسْخِرُونَ } وفي هذه الآية قولان:
أحدهما: أنه انشقاق القمر، قاله الضحاك.
الثاني: ما شاهدوه من هلاك المكذبين، وهو محتمل.
وفي قوله { يستسخِرون } وجهان:
أحدهما: يستهزئون، قاله مجاهد.
الثاني: هو أن يستدعي بعضهم من بعض السخرية بها لأن الفرق بين سخر واستسخر كالفرق بين علم واستعلم.
وقيل إن ذلك في ركانة بن زيد وأبي الأشد بن كلاب.
قوله عز وجل: { فانما هي زجرةٌ واحدةٌ } أي صيحة واحدة، قاله الحسن: وهي النفخة الثانية وسميت الصيحة زجرة لأن مقصودها الزجر.
{ فإذا هم ينظرون } يحتمل ثلاثة أوجه:
أحدها: البعث الذي كذبوا به.
الثاني: ينظرون سوء أعمالهم.
الثالث: ينتظرون حلول العذاب بهم، ويكون النظر بمعنى الانتظار.