قوله عز وجل: { للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنةٌ } فيه وجهان:
أحدهما: معناه، للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة في الآخرة، وهي الجنة.
الثاني: للذين أحسنوا في الدنيا حسنة في الدنيا فيكون ذلك زائداً على ثواب
الآخرة.
وفيما أريد بالحسنة التي لهم في الدنيا أربعة أوجه:
أحدها: العافية والصحة، قاله السدي.
الثاني: ما رزقهم الله من خير الدنيا، قاله يحيى بن سلام.
الثالث: ما أعطاهم من طاعته في الدنيا وجنته في الآخرة، قاله الحسن.
الرابع: الظفر والغنائم، حكاه النقاش.
ويحتمل خامساً: إن الحسنة في الدنيا الثناء وفي الآخرة الجزاء.
{ وأرض الله واسعة } فيها قولان:
أحدهما: أرض الجنة رغبهم في سعتها، حكاه ابن عيسى.
الثاني: هي أرض الهجرة، قاله عطاء.
ويحتمل ثالثاً: أن يريد بسعة الأرض سعة الرزق لأنه يرزقهم من الأرض فيكون
معناه. ورزق الله واسع، وهو أشبه لأنه أخرج سعتها مخرج الامتنان بها.
{ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } فيه أربعة أوجه:
أحدها: يعني بغير مَنٍّ عليهم ولا متابعة، قاله السدي.
الثاني: لا يحسب لهم ثواب عملهم فقط ولكن يزدادون على ذلك، قاله ابن
جريج.
الثالث: لا يعطونه مقدراً لكن جزافاً.
الرابع: واسعاً بغير تضييق قال الراجز:
يا هند سقاك بلا حسابه سقيا مليك حسن الربابة
وحكي عن علي كرم الله وجهه قال: كل أجر يكال كيلاً ويوزن وزناً إلا أجر
الصابرين فإنه يحثى حثواً.