قوله تعالى: { فَإذَا قَضَيتُمُ الصَلاَّةَ فَاذْكُرُواْ اللهَ قِيَاماً وَقُعُوداً } يعني ذكر الله
بالتعظيم والتسبيح والتقديس بعد صلاته في خوفٍ وغيره: قال ابن عباس: لم يعذر
أحد في تركه إلا مغلوباً على عقله.
{ فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ } فيه تأويلان:
أحدهما: يعني فإذا أقمتم بعد السفر فأتموا الصلاة من غير قصر، وهذا قول
الحسن، وقتادة، ومجاهد.
والثاني: معناه فإذا أمِنْتم بعد خوفكم فأتموا الركوع والسجود من غير إيماء
ولا مشي، وهذا قول السدي.
{ إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَاباً مَّوْقُوتاً } فيه تأويلان:
أحدهما: أي فرضاً واجباً، وهو قول ابن عباس، والحسن.
والثاني: يعني مؤقتة في أوقاتها ونجومها، كلما مضى نجم جاء نجم، وهو
قول ابن مسعود، وزيد بن أسلم.
{ وَلاَ تَهِنُواْ فِي ابْتِغَاءِ الْقَومِ } أي لا تضعفواْ في طلبهم لحربهم.
{ إِن تَكُونُواْ تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ } أي ما أصابهم منكم فإنهم
يألمون به كما تألمون بما أصابكم منهم.
ثم قال تعالى: { وَتَرْجُونَ مِنَ اللهِ مَا لاَ يَرْجُونَ } أي هذه زيادة لكم عليهم
وفضيلة خُصِصْتُم بها دونهم مع التساوي في الألم.
وفي هذا الرجاء اثنان من التأويلات:
أحدهما: معناه أنكم ترجون من نصر الله ما لا يرجون.
والثاني: تخافون من الله لا يخافون، ومنه قوله تعالى: { { مَا لَكُمْ لاَ
تَرْجُونَ للهِ وَقَاراً } [نوح: 31] أي لا تخافون لله عظمة. ومنه قول الشاعر:
لا ترتجي حين تلاقي الذائدا أسبعةً لاقت معاً أم واحداً