التفاسير

< >
عرض

وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَٰلِيَ مِمَّا تَرَكَ ٱلْوَٰلِدَانِ وَٱلأَقْرَبُونَ وَٱلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَٰنُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً
٣٣
-النساء

النكت والعيون

قوله تعالى: { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَلِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ } وفي الموالي قولان:
أحدهما: أنهم العصبة، وهو قول ابن عباس، وقتادة، ومجاهد، وابن زيد.
والثاني: هم الورثة، وهو قول السدي، وهو أشبه بقوله تعالى: { فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي } قال الفضل بن عباس:

مهلاً بني عمنا مهلاً موالينا لا تنشبواْ بيننا ما كان مَدْفوناً

{ وَالَّذِينَ عَاقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَئَاتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ } هي مفاعلة من عقد الحلف، ومعناه: والذين عاقدت أيمانكم وأيمانهم بالحلف بينكم وبينهم، فآتوهم نصيبهم.
وفي المراد بهذه المعاقدة وبالنصيب المستحق خمسة أقاويل:
أحدها: أن حلفهم في الجاهلية كانوا يتوارثون به في الإسلام ثم نسخ ذلك بقوله تعالى في الأنفال:
{ { وَأُولُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ } [الأنفال: 75] وهذا قول ابن عباس، وعكرمة، وقتادة.
والثاني: أنها نزلت في الذين آخى بينهم النبي صلى الله عليه وسلم، من المهاجرين والأنصار، فكان بعضهم يرث بعضاً بتلك المؤاخاة بهذه الآية، ثم نسخها ما تقدم من قوله تعالى:
{ { وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الوَالِدَانَ والأَقْرَبُونَ } [النساء:33]، وهذا قول سعيد بن جبير، عن ابن عباس، وابن زيد.
والثالث: أنها نزلت في أهل العقد بالحلف ولكنهم أُمِرُوا أن يؤتوا بعضهم بعضاً من النصرة والنصيحة والمشورة والوصية دون الميت، وهذا قول مجاهد، وعطاء، والسدي. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد سأله قيس بن عاصم عن الحِلف فقال:
"لاَ حِلْفَ في الإْسلاَمِ، وَمَا كَانَ مِنْ حِلفِ الجاهِلِيَّةِ فَلَمْ يُزِدْهُ الإِسْلاَمُ الإَِّ شِدَّةً" .
والرابع: أنها نزلت في الذين يتبنون أبناء غيرهم في الجاهلية، فَأُمِرُوا في الإِسلام أن يوصوا لهم عند الموت بوصية، وهذا قول سعيد بن المسيب.
والخامس: أنها نزلت في قوم جعل لهم نصيب من الوصية، ثم هلكوا فذهب نصيبهم بهلاكهم، فَأُمِرُوا أن يدفعوا نصيبهم إلى ورثتهم، وهذا قول الحسن البصري.