التفاسير

< >
عرض

وَيَقُولُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَوْلاَ نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُّحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا ٱلْقِتَالُ رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ ٱلْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ ٱلْمَوْتِ فَأَوْلَىٰ لَهُمْ
٢٠
طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَّعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ ٱلأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُواْ ٱللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ
٢١
فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَتُقَطِّعُوۤاْ أَرْحَامَكُمْ
٢٢
أَوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ
٢٣
-محمد

النكت والعيون

قوله عز وجل: { وَيَقُولُ الَّذِينَ ءَامَنُواْ لَوْلاَ نُزَّلِتْ سُورَةٌ } كان المؤمنون إذا تأخر نزول القرآن اشتاقوا إليه وتمنوه ليعلموا أوامر الله وتعبده لهم.
{ فَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ } وفي قراءة ابن مسعود: فإذا أنزلت سورة محدثة { وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ }.
في السورة المحكمة قولان:
أحدهما: أنها التي يذكر فيها الحلال والحرام، قاله ابن زياد النقاش.
الثاني: أنها التي يذكر فيها القتال: وهي أشد القرآن على المنافقين، قاله قتادة.
ويحتمل:
ثالثاً: أنها التي تضمنت نصوصاً لم يتعقبها ناسخ ولم يختلف فيها تأويل:
{ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَّرَضٌ } هم المنافقون، لأن قلوبهم كالمريضة بالشك. فإذا أنزلت السورة المحكمة سر بها المؤمنون وسارعوا إلى العمل بما فيها، واغتم المنافقون ونظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
{ نَظَرَ الْمَغْشِّيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوتِ } غماً بها وفزعاً منها.
{ فَأَوْلَى لَهُمْ } فيه وجهان:
أحدهما: أنه وعيد، كأنه قال: العقاب أولى لهم، قاله قتادة.
الثاني: أولى لهم، { طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ } من أن يجزعوا من فرض الجهاد عليهم، قاله الحسن.
وفيه وجه ثالث: أن قوله { طَاعَةٌ وَقُوْلٌ مَعْرُوفٌ } حكاية من الله عنهم قبل فرض الجهاد عليهم، ذكره ابن عيسى.
والطاعة هي الطاعة لله ورسوله في الأوامر والنواهي. وفي القول المعروف وجهان:
أحدهما: هو الصدق والقبول.
الثاني: الإجابة بالسمع والطاعة.
{ فَإِذَا عَزَمَ الأمْرُ } أي جد الأمر في القتال.
{ فَلَوْ صَدَقُواْ اللَّه } بأعمالهم { لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ } من نفاقهم.
قوله عز وجل: { فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُواْ فِي الأرْضِ } فيه أربعة أوجه:
أحدها: فهل عسيتم إن توليتم أمور الأمة أن تفسدوا في الأرض بالظلم، قاله الكلبي.
الثاني: فهل عسيتم إن توليتم الحكم فجعلتم حكاماً أن تفسدوا في الأرض بأخذ الرشا، قاله أبو العالية.
الثالث: فهل عسيتم إن توليتم عن كتاب الله أن تفسدوا في الأرض بسفك الدماء الحرام. { وَتُقَطِّعُواْ أَرْحَامَكُمْ }، قاله قتادة.
الرابع: فهل عسيتم إن توليتم عن الطاعة أن تفسدوا في الأرض بالمعاصي وقطع الأرحام، قاله ابن جريج.
وفي هذه الآية ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه عنى بها المنافقين وهو الظاهر.
الثاني: قريشاً، قاله أبو حيان.
الثالث: أنها نزلت في الخوارج، قاله بكر بن عبد الله المزني.