قوله عز وجل: { إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى }
فيهم قولان:
أحدهما: أنهم اليهود كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم من بعدما علموا في التوراة أنه نبي،
قاله قتادة وابن جريج.
الثاني: المنافقون قعدوا عن القتال من بعدما علموه في القرآن، قاله السدي.
{ الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ } فيه وجهان:
أحدهما: أعطاهم سؤالهم، قاله ابن بحر.
الثاني: زين لهم خطاياهم، قاله الحسن.
{ وَأَمْلَى لَهُمْ } فيه وجهان:
أحدهما: أمهلهم، قاله الكلبي ومقاتل فعلى هذا يكون الله تعالى هو الذي
أملى لهم بالإمهال في عذابهم.
والوجه الثاني: أن معنى أملى لهم أي مد لهم في الأمل فعلى هذا فيه وجهان:
أحدهما: أن الله تعالى هو الذي أملى لهم في الأمل، قاله الفراء والمفضل.
الثاني: أن الشيطان هو الذي أملى لهم في مد الأمل بالتسويف، قاله الحسن.
{ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ سَنُطِيعكُمْ فِي بَعْضِ الأمْرِ } وفي قائل
ذلك قولان:
أحدهما: أنهم اليهود قالوا للمنافقين سنطيعكم في بعض الأمر. وفيما أرادوا
بذلك وجهان:
أحدهما: سنطيعكم في ألا نصدق بشيء، من مقالته، قاله الضحاك.
الثاني: سنطيعكم في كتم ما علمنا من نبوته، قاله ابن جريج.
القول الثاني: أنهم المنافقون قالوا لليهود سنطيعكم في بعض الأمر, وفيما
أرادوه بذلك ثلاثة أوجه:
أحدهما: سنطيعكم في غير القتال من بغض محمد صلى الله عليه وسلم والقعود عن نصرته، قال
السدي.
الثاني: سنطيعكم في الميل إليكم والمظاهر على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثالث: سنطيعكم في الارتداد بعد الإيمان.
{ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرَارَهُمْ } يحتمل وجهين:
أحدهما: ما اسر بعضهم إلى بعض من هذا القول.
الثاني: ما أسروه في أنفسهم من هذا الاعتقاد.
قوله عز وجل: { فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الْمَلاَئِكَةُ } يحتمل وجهين:
أحدهما: بالقتال نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
الثاني: بقبض الأرواح عند الموت.
{ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارُهُمْ } يكون على احتمال وجهين:
أحدهما: يضربون وجوههم في القتال عند الطلب وأدبارهم عند الهرب.
الثاني: يضربون وجوههم عند الموت بصحائف كفرهم، وأدبارهم في القيامة
عند سوقهم إلى النار.