التفاسير

< >
عرض

هُمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّوكُمْ عَنِ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ وَٱلْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَآءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمُوهُمْ أَن تَطَئُوهُمْ فَتُصِيبَكُمْ مِّنْهُمْ مَّعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ لِّيُدْخِلَ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَن يَشَآءُ لَوْ تَزَيَّلُواْ لَعَذَّبْنَا ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً أَلِيماً
٢٥
إِذْ جَعَلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ ٱلْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ ٱلتَّقْوَىٰ وَكَانُوۤاْ أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ ٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً
٢٦
-الفتح

النكت والعيون

قوله عز وجل: { هُمُ الَّذِينَ كَفَرُواْ } يعني قريشاً.
{ وَصَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ } يعني منعوكم عن المسجد الحرام عام الحديبية حين أحرم النبي صلى الله علي وسلم مع أصحابه بعمرة.
{ وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: محبوساً.
الثاني: واقفاً.
الثالث: مجموعاً، قاله أبو عمرو بن العلاء.
{ أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ } فيه قولان:
أحدهما: منحره، قاله الفراء.
الثاني: الحرم، قال الشافعي، والمحِل بكسر الحاء هو غاية الشيء، وبالفتح هو الموضع الذي يحله الناس، وكان الهدي سبعين بدنة.
{ وَلَوْلاَ رِجَالٌ مُّؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُّؤْمِنَاتٌ لَّمْ تَعْلَمْوهُمْ } أي لم تعلموا إيمانهم.
{ أَن تَطَئُوهُمْ } فيه قولان:
أحدهما: أن تطئوهم بخيلكم وأرجلكم فتقتلوهم، قاله ابن عباس.
الثاني: لولا من في أصلاب الكفار وأرحام نسائهم من رجال مؤمنين ونساء مؤمنات لم يعلموهم أن يطئوا آباءهم فيهلك أبناؤهم، قاله الضحاك.
{ فَتُصِيبَكُم مِّنْهُم مَّعَرَّةٌ } فيها ستة أقاويل:
أحدها: الإثم، قاله ابن زيد.
الثاني: غرم الدية، قاله ابن إسحاق.
الثالث: كفارة قتل الخطأ، قاله الكلبي.
الرابع: الشدة، قاله قطرب.
الخامس: العيب.
السادس: الغم.
قوله عز وجل: { لَوْ تَزَيَّلُواْ } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: لو تميزوا، قاله ابن قتيبة.
الثاني: لو تفرقوا، قاله الكلبي.
الثالث: لو أزيلوا، قاله الضحاك حتى لا يختلط بمشركي مكة مسلم.
{ لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَاباً ألِيماً } وهو القتل بالسيف لكن الله يدفع بالمؤمنين عن الكفار.
قوله عز وجل: { إذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ } يعني قريشاً. وفي حمية الجاهلية قولان:
أحدهما: العصبية لآلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون الله، والأنفة من أن يعبدوا غيرها، قاله ابن بحر.
الثاني: أنفتهم من الإقرار له بالرسالة والاستفتاح ببسم الله الرحمن الرحيم على عادته في الفاتحة، ومنعهم له من دخول مكة، قال الزهري.
ويحتمل ثالثاً: هو الاقتداء بآبائهم، وألا يخالفوا لهم عادة، ولا يلتزموا لغيرهم طاعة كما أخبر الله عنهم
{ { إِنَّا وَجَدْنَا أَبَاءنا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى ءَاثَارِهِم مُّقْتَدُونَ } } [الزخرف: 23].
{ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤمِنِينَ } يعني الصبر الذي صبروا والإجابة إلى ما سألوا، والصلح الذي عقدوه حتى عاد إليهم في مثل ذلك الشهر من السنة الثانية قاضياً لعمرته ظافراً بطلبته.
{ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى } فيها أربعة أوجه:
أحدها: قول لا إله إلا الله، قاله ابن عباس، وهو يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الثاني: الإخلاص، قاله مجاهد.
الثالث: قول بسم الله الرحمن الرحيم، قاله الزهري.
الرابع:قولهم سمعنا وأطعنا بعد خوضهم. وسميت كلمة التقوى لأنهم يتقون بها غضب الله.
{ وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا } يحتمل وجهين:
أحدهما: وكانوا أحق بكلمة التقوى أن يقولوها.
الثاني: وكانوا أحق بمكة أن يدخلوها.
وفي من كان أحق بكلمة التقوى قولان:
أحدهما: أهل مكة كانوا أحق بكلمة التقوى أن يقولوها لتقدم إنذارهم لولا ما سلبوه من التوفيق.
الثاني: أهل المدينة أحق بكلمة التقوى حين قالوها، لتقدم إيمانهم حين صحبهم التوفيق.