قوله عز وجل: { يَوْمَ نُقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلأَتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنَ مَّزِيدٍ } فيه ثلاثة
أوجه:
أحدها: هل يزاد إلى من ألقي غيرهم؟ فالاستخبار عمن بقي، قاله زيد بن
أسلم.
الثاني: معناه إني قد امتلأت، ممن ألقي في، فهل أسع غيرهم؟ قاله
مقاتل.
الثالث: معناه هل يزاد في سعتي؟ لإلقاء غير من ألقي في، قاله معاذ.
وفي قوله: { وَتَقُولُ هَلْ مِن مَّزِيدٍ } وجهان:
أحدهما: أن زبانية جهنم قالوا هذا.
الثاني: أن حالها كالمناطقة بهذا القول، كما قال الشاعر:
امتلأ الحوض وقال قطني مهلاً رويداً قد ملأت بطني
قوله عز وجل: { هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ } في الأواب الحفيظ ثلاثة
أوجه:
أحدها: أنه الذاكر ذنبه في الخلاء، قاله الحكم.
الثاني: أنه الذي إذا ذكر ذنباً تاب واستغفر الله منه، قاله ابن مسعود ومجاهد
والشعبي.
الثالث: أنه الذي لا يجلس مجلساً فيقوم حتى يستغفر الله فيه، قاله عبيد بن
عمير.
وأما الحفيظ هنا ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه المطيع فيما أمر، وهو معنى قول السدي.
الثاني: الحافظ لوصية الله بالقبول، وهو معنى قول الضحاك.
الثالث: أنه الحافظ لحق الله بالاعتراف ولنعمه بالشكر، وهو معنى قول
مجاهد. وروى مكحول عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ حَافَظَ عَلَى
أَرْبعِ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ كَانَ أَوَّاباً حَفِيظاً" .
قوله عز وجل: { مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ } فيه وجهان:
أحدهما: أنه الذي يحفظ نفسه من الذنوب في السر كما يحفظها في الجهر.
الثاني: أنه التائب في السر من ذنوبه إذا ذكرها، كما فعلها سراً.
ويحتمل ثالثاً: أنه الذي يستتر بطاعته لئلا يداخلها في الظاهر رياء. ووجدت فيه
لبعض المتكلمين.
رابعاً: أنه الذي أطاع الله بالأدلة ولم يره.
{ وَجَآءَ بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه المنيب المخلص، قاله السدي.
الثاني: أنه المقبل على الله، قاله سفيان.
الثالث: أنه التائب، قاله قتادة.
{ لَهُم مَّا يَشَاءُونَ } يعني ما تشتهي أنفسهم وتلذ أعينهم.
{ وَلَدَينَا مَزِيدٍ } فيه وجهان:
أحدهما: أن المزيد من يزوج بهن من الحور العين، رواه أبو سعيد
الخدري مرفوعاً.
الثاني: أنها الزيادة التي ضاعفها الله من ثوابه بالحسنة عشر أمثالها.
وروى أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل أخبره: أن يوم الجمعة يدعى في
الآخرة يوم المزيد. وفيه وجهان:
أحدهما: لزيادة ثواب العمل فيه.
الثاني: لما روي أن الله تعالى يقضي فيه بين خلقه يوم القيامة.