{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } روى إسماعيل بن زياد عن محمد بن عباد
عن أبي هريرة أن مشركي قريش أتوا النبي صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القدر، فنزلت.
{ إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } فيه وجهان:
أحدهما: على قدر ما أردنا من غير زيادة ولا نقصان، قاله ابن بحر.
الثاني: بحكم سابق وقضاء محتوم، ومنه قول الراجز:
وقدر المقدر الأقدارا.
{ وَمَآ أَمْرُنْآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بَالْبَصَرِ } يعني أن ما أردناه من شيء أمرنا به مرة
واحدة ولم نحتج فيه إلى ثانية، فيكون ذلك الشيء مع أمرنا به كلمح البصر في
سرعته من غير إبطاء ولا تأخير.
{ وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ } فيه وجهان:
أحدهما: أن المستطر المكتوب، قاله الحسن وعكرمة وابن زيد، لأنه مسطور.
الثاني: أنه المحفوظ، قاله قتادة.
{ إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: أن النهر أنهار الماء، والخمر، والعسل، واللبن، قاله ابن جريج.
الثاني: أن النهر الضياء والنور، ومنه النهار، قاله محمد بن إسحاق، ومنه قول
الراجز:
لولا الثريدان هلكنا بالضمر ثريد ليل وثريد بالنهر
الثالث: أنه سعة العيش وكثرة النعيم، ومنه اسم نهر الماء، قاله قطرب.
{ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِند مَلِيكٍ مّقْتَدِرِ } فيه وجهان:
أحدهما: مقعد حق لا لغو فيه ولا تأثيم.
الثاني: مقعد صدق لله وعد أولياءه به، والمليك والملك واحد، وهو الله كما
قال ابن الزبعري:
يا رسول المليك إن لساني راتق ما فتقت إذا أنابوا
ويحتمل ثالثاً: أن المليك مستحق الملك، والملك القائم بالملك والمقتدر
بمعنى القادر.
ويحتمل وصف نفسه بالاقتدار ها هنا وجهين:
أحدهما: لتعظيم شأن من عنده من المتقين لأنهم عند المقتدر أعظم قدراً،
وأعلى مجزاً.
الثاني: ليعلموا أنه قادر على حفظ ما أنعم به عليهم ودوامه لهم، والله أعلم.