{ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ } وفي الخائف مقام ربه ثلاثة أقاويل:
أحدها: من خاف مقام ربه بعد أداء الفرائض، قاله ابن عباس.
الثاني: أنه يهم بذنب فيذكر مقام ربه فيدعه، قاله مجاهد.
الثالث: أن ذلك نزل في أبي بكر رضي الله عنه خاصة حين ذكر ذات يوم
الجنة حين أزلفت، والنار حين برزت، قاله عطاء وابن شوذب.
قال الضحاك: بل شرب ذات يوم لبناً على ظمأ فأعجبه، فسأل عنه فأُخْبِر أنه
من غير حل، فاستقاءه ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر إليه، فقال: "رَحِمَكَ اللَّهُ لَقَدْ أُنزِلَتْ
فِيكَ آيَةٌ" وتلا عليه هذه الآية.
وفي مقام ربه قولان:
أحدهما: هو مقام بين يدي العرض والحساب.
الثاني: هو قيام الله تعالى بإحصاء ما اكتسب من خير وشر.
وفي هاتين الجنتين أربعة أوجه:
أحدها: جنة الإنس وجنة الجان، قاله مجاهد.
الثاني: جنة عدن، وجنة النعيم، قاله مقاتل.
الثالث: أنهما بستانان من بساتين الجنة، وروي ذلك مرفوعاً لأن البستان
يسمى جنة.
الرابع: أن إحدى الجنتين منزله، والأخرى منزل أزواجه وخدامه كما يفعله
رؤساء الدنيا.
ويحتمل خامساً: أن إحدى الجنتين مسكنه، والأخرى بستانه.
ويحتمل سادساً: أن إحدى الجنتين أسافل القصور، والأخرى أعاليها.
{ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ } فيه أربعة تأويلات:
أحدها: ذواتا ألوان، قاله ابن عباس.
الثاني: ذواتا أنواع من الفاكهة، قاله الضحاك.
الثالث: ذواتا أتا وسَعَةٍ، قاله الربيع بن أنس.
الرابع: ذواتا أغصان، قاله الأخفش وابن بحر.
والأفنان جمع واحده فنن كما قال الشاعر:
ما هاج سوقك من هديل حمامة تدعوا على فنن الغصون حماما
تدعو أبا فرخين صادف ضارياً ذا مخلبين من الصقور قطاما