قوله تعالى { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَواتِ وَالأَرْضِ } في هذا التسبيح ثلاثة
أوجه:
أحدها: يعني أن خلق ما في السموات والأرض يوجب تنزيهه عن الأمثال
والأشباه.
الثاني: تنزيه الله قولاً مما أضاف إليه الملحدون، وهو قول الجمهور.
الثالث: أنه الصلاة، سميت تسبيحاً لما تتضمنه من التسبيح، قاله سفيان،
والضحاك.
فقوله: { سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ } يعني الملائكة وما فيهن من غيرهم وما في
الأرض يعني في الحيوان والجماد، وقد ذكرنا في تسبيح الجماد وسجوده ما أغنى عن
الإعادة.
{ وَهُوَ الْعَزِيزُ } في انتصاره، { الْحَكِيمُ } في تدبيره.
{ هُوَ الأَوَّلُ وِالأخِرُ } يريد بالأول أنه قبل كل شيء لقدمه، وبالآخر لأنه بعد
كل شيء لبقائه.
{ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ } فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: الظاهر فوق كل شيء لعلوه، والباطن إحاطته بكل شيء لقربه، قاله
ابن حيان.
الثاني: أنه القاهر لما ظهر وبطن كما قال تعالى: { فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ ءَامَنُوا عَلَى
عَدُوِّهِم فََأصْبَحُواْ ظَاهِرِينَ }.
الثالث: العالم بما ظهر وما بطن.
{ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٍ } يعني بالأول والآخر والظاهر والباطن.
ولأصحاب الخواطر في ذلك ثلاثة أوجه:
أحدها: الأول في ابتدائه بالنعم، والآخر في ختامه بالإحسان، والظاهر في
إظهار حججه للعقول، والباطن في علمه ببواطن الامور.
الثاني: الأول بكشف أحوال الآخرة حين ترغبون فيها، والآخر بكشف أحوال
الدنيا حين تزهدون فيها، والظاهر على قلوب أوليائه حين يعرفونه، والباطن على
قلوب أعدائه حين ينكرونه.
الثالث: الأول قبل كل معلوم، والآخر بعد كل مختوم، والظاهر فوق كل
مرسوم، والباطن محيط بكل مكتوم.