قوله عز وجل: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُواً } أي جعلنا للأنبياء أعداء كما
جعلنا لغيرهم من الناس أعداء.
وفي { جَعَلْنَا } وجهان:
أحدهما: معناه حكمنا بأنهم أعداء.
والثاني: معناه تركناهم على العداوة، فلم نمنعهم منها.
وفي { شَيَاطِينَ الإْنسِ وَالْجِنِّ } ثلاثة أقاويل:
أحدها: يعني شياطين الإنس الذين مع الإنس، وشياطين الجن الذين مع
الجن، قاله عكرمة، والسدي.
والثاني: شياطين الإنس كفارهم، وشياطين الجن كفارهم، قاله مجاهد.
والثالث: أن شياطين الإنس والجن مردتهم، قاله الحسن، وقتادة.
{ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ } في يوحي ثلاثة أوجه:
أحدها: يعني يوسوس بعضهم بعضاً.
والثاني: يشير بعضهم إلى بعض، فعبر عن الإشارة بالوحي كقوله:
{ { فَأَوْحَى إِلَيهِمْ أَن سَبِّحُواْ بُكْرَةً وَعَشِيّاً } [مريم: 11]
و{ زُخْرُفَ الْقَوْلِ } ما زينوه لهم من الشبه في الكفر وارتكاب المعاصي.
والثالث: يأمر بعضهم بعضاً كقوله: { { وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَآءٍ أَمْرَهَا } [فصلت: 12] أي أمر.
ثم قال: { وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ } يحتمل وجهين:
أحدهما: ما فعلوه من الكفر.
والثاني: ما فعلوا من زخرف القول.
وفي تركهم على ذلك قولان:
أحدهما: ابتلاء لهم وتمييزاً للمؤمنين منهم.
والثاني: لا يلجئهم إلى الإيمان فيزول التكليف.
قوله عز وجل: { وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالأَخِرَةِ } أي تميل إليه
قلوبهم، والإصغاء: الميل، قال الشاعر:
ترى السفيه به عن كل محكمة زيغ وفيه إلى التشبيه إصغاء
وتقدير الكلام، يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً ليغروهم
ولتصغي إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة، وقال قوم: بل هي لام أمر ومعناها
الخبر.
{ وَلِيَرْضَوْهُ } لأن من مَالَ قلبه إلى شيء رضيه وإن لم يكن مرضياً.
{ وَلِيَقْتَرِفُواْ مَا هُمْ مُّقْتَرِفُونَ } فيه وجهان:
أحدهما: وليكتسبوا من الشرك والمعاصي ما هم مكتسبون، قاله جويبر.
والثاني: وليكذبوا على الله ورسوله ما هم كاذبون، وهو محتمل.