قوله عز وجل: { وَلَقَدْ خَلَقنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ } فيه لأهل التأويل أربعة أقاويل:
أحدها: ولقد خلقناكم في أصلاب الرجال ثم صورناكم في أرحام النساء، قاله
عكرمة.
والثاني: ولقد خلقناكم يعني آدم ثم صورناكم في ظهره، قاله مجاهد.
والثالث: خلقناكم نطفاً في أصلاب الرجال وترائب النساء، ثم صورناكم عند
اجتماع النطفتين في الأرحام، وهو معنى قول الكلبي.
والرابع: خلقناكم في بطون أمهاتكم، ثم صورناكم فيها بعد الخلق بشق
السمع والبصر، قاله معمر.
{ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ لأَدَمَ } فإن قيل فالسجود عبادة لا تجوز إلا الله
تعالى، فكيف أمر به لآدم عليه السلام؟ قيل: فيه لأهل العلم قولان:
أحدهما: أنه أمرهم بالسجود له تكرمة وهو لله تعالى عبادة.
والثاني: أنه جعله قبلة سجودهم لله تعالى.
فإن قيل: فالأمر بالسجود لآدم قبل تصوير ذريته، فكيف قال: { ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ
ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلآئِكَةِ اسْجُدُواْ }؟
فعن ذلك ثلاثة أجوبة:
أحدها: أنه صورهم في صلب آدم ثم قال للملائكة: اسجدوا.
والثاني: معناه ثم صورناكم ثم أخبرناكم بِأَنَّا قلنا للملائكة: اسجدوا.
والثالث: اي في الكلام تقديماً وتأخيراً، وتقديره: ثم قلنا للملائكة اسجدوا
لآدم ثم صورناكم.
وفيه جواب رابع أنكره بعض النحويين وهو: أن { ثُمَّ } هنا بمعنى الواو، قاله
الأخفش.