قوله عز وجل: { قَالَ اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ } فإن قيل:
فالمأمور بالهبوط آدم وحواء لأن إبليس قد كان أهبط من قبل حين امتنع عن
السجود لآدم، فكيف عبر عنهما بلفظ الجمع؟
فعن ذلك ثلاثة أجوبة:
أحدها: أنه خبر عن هبوطهم مع تفرقهم وإن خرج مخرج الأمر، قاله
السدي.
والثاني: أنهم آدم وحواء والحية، فكانوا جماعة، قاله أبو صالح.
والثالث: أنهم آدم وحواء والوسوسة، قاله الحسن.
فهبط آدم بأرض الهند على جبل يقال له واسم، وهبطت حواء بجدة، وهبطت
الحية بأصفهان.
وفي مهبط إبليس قولان.
أحدهما بالأبلة.
والثاني: بالمدار.
وقيل أسكنهما الجنة لئلا ساعات خلت من يوم الجمعة، وأخرجهما لتسع
ساعات خلت من ذلك اليوم.
{ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ } أما المستقر ففيه وجهان:
أحدهما: أنه فعل الاستقرار.
والثاني: أنه موضع الاستقرار، قاله أبو صالح.
وأما المتاع فهو المنتفع به من عروض الدنيا التي يستمتع بها.
وقوله: { إِلَى حِينٍ } يعني إلى انقضاء الدنيا، والحين وقت مجهول القدر
ينطلق على طويل الزمان وقصيره وإن كان موضوعاً في الأغلب للتكثير.
قال الشاعر:
وما مزاحك بعد الحلم والدين وقد علاك مشيب حين لا حين
أي وقت لا وقت.