{ فما للذين كَفَروا قِبلَكَ مُهْطِعينَ } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: مسرعين، قاله الأخفش، قال الشاعر:
بمكةَ دارُهم ولقد أراهم بمكةَ مُهطِعين إلى السماع
الثاني: معرضين، قاله عطية العوفي.
الثالث: ناظرين إليك تعجباً، قاله الكلبي.
{ عن اليمين وعن الشِّمال عِزِينَ } فيه خمسة أوجه:
أحدها: متفرقين، قاله الحسن، قال الراعي:
أخليفةَ الرحمنِ إن عشيرتي أمسى سَراتُهُمُ إليك عِزينا.
الثاني: محتبين، قال مجاهد.
الثالث: أنهم الرفقاء والخلطاء، قاله الضحاك.
الرابع: أنهم الجماعة القليلة، قاله ابن أسلم.
الخامس: أن يكونوا حِلقاً وفرقاً.
روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم حِلَق فقال: " ما لي
أراكم عزين" ، قال الشاعر:
ترانا عنده والليل داج على أبوابه حِلقاً عِزينا.
{ يوم يَخْرجون من الأجداثِ سِراعاً } يعني من القبور.
{ كأنهم إلى نُصُبٍ يُوفِضُونَ } في " نصب" قراءتان: إحداهما بتسكين الصاد،
والأخرى بضمها.
وفي اختلافهما وجهان:
أحدهما: معناهما واحد، قاله المفضل وطائفة، فعلى هذا في تأويله أربعة
أوجه:
أحدها: معناه إلى علم يستبقون، قاله قتادة.
الثاني: إلى غايات يستبقون، قاله أبو العالية.
الثالث: إلى أصنامهم يسرعون، قاله ابن زيد، وقيل إنها حجارة طوال كانوا
يعبدونها.
الرابع: إلى صخرة بيت المقدس يسرعون.
والوجه الثاني من الأصل أن معنى القراءتين مختلف، فعلى هذا في اختلافهما
وجهان:
أحدهما: أن النُّصْب بالتسكين الغاية التي تنصب إليها بصرك، والنُّصُب بالضم
واحد الأنصاب، وهي الأصنام، قاله أبو عبيدة ومعنى " يوفضون" يسرعون، والإيفاض
الإسراع، ومنه قول رؤبة:
يمشين بنا الجد على الإيفاض بقطع أجواز الفلا انفضاض.