التفاسير

< >
عرض

سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ
١
لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ
٢
مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ
٣
تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ
٤
فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً
٥
إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً
٦
وَنَرَاهُ قَرِيباً
٧
-المعارج

النكت والعيون

قوله تعالى: { سأَل سائلٌ } قرأه الجمهور بهذين الحرفين في سأل سائل، وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: معناه استخبر مستخبر عن العذاب متى يقع، على التكذيب.
الثاني: دعا داع أن يقع البلاء بهم على وجه الاستهزاء، قاله مجاهد.
الثالث: طلب طالب.
{ بعذابٍ واقعٍ } وفي هذا الطالب ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنهالنضر بن الحارث، وكان صاحب لواء المشركين يوم بدر، وقد سأل ذلك في قوله
{ { اللهم إن كان هذا هو الحقَ من عندك فأمطِرْ علينا حجارةً من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } [الأنفال: 32] قاله ابن عباس ومجاهد.
الثاني: أنه أبو جهل: وهو القائل لذلك، قاله ربيع بن أبي حمزة.
الثالث: أنه قول جماعة من قريش.
وفي هذا العذاب قولان:
أحدهما: أنه العذاب في الآخرة، قاله مجاهد.
الثاني: أنها نزلت بمكة وعذابه يوم بدر بالقتل والأسر، قاله السدي.
وقرأ نافع وزيد بن أسلم وابنه " سأل سايل" غير مهموز، وسايل واد في جهنم، وسمي بذلك لأنه يسيل بالعذاب.
{ مِن اللَّهِ ذي المعارج } فيه خمسة تأويلات:
أحدها: ذي الدرجات، قاله ابن عباس.
الثاني: ذي الفواضل والنعم، قاله قتادة.
الثالث: ذي العظمة والعلاء.
الرابع: ذي الملائكة، لأنهم كانوا يعرجون إليه، قاله قتيبة.
الخامس: أنها معارج السماء، قاله مجاهد.
{ تَعْرُجُ الملائكةُ والروحُ إليه } أي تصعد، وفي الروح ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه روح الميت حين يقبض، قاله قَبيصة بن ذؤيب، يرفعه.
الثاني: أنه جبريل، كما قال تعالى: " نزل به الروح الأمين".
الثالث: أنه خلق من خلق اللَّه كهيئة الناس وليس بالناس، قاله أبو صالح.
{ في يوم كان مِقدارُه خمسينَ ألْفَ سنةٍ } فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه يوم القيامة، قاله محمد بن كعب والحسن.
الثاني: أنها مدة الدنيا، مقدار خمسين ألف سنة، لا يدري أحد كم مضى وكم بقي إلا اللَّه، قاله عكرمة.
الثالث: أنه مقدار مدة الحساب في عرف الخلق أنه لو تولى بعضهم محاسبة بعض لكان مدة حسابهم خمسين ألف سنة، إلا أن اللَّه تعالى يتولاه في أسرع مدة.
وروى معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:
" يحاسبهم اللَّه بمقدار ما بين الصلاتين ولذلك سمى نفسه سريع الحساب، وأسرع الحاسبين" .
{ فاصْبِرْ صَبْراً جَميلاً } فيه أربعة تأويلات:
أحدها: أنه الصبر الذي ليس فيه جزع، قاله مجاهد.
الثاني: أنه الصبر الذي لا بث فيه ولا شكوى.
الثالث: أنه الانتظار من غير استعجال، قاله ابن بحر.
الرابع: أنه المجاملة في الظاهر، قاله الحسن.
وفيما أُمر بالصبر عليه قولان:
أحدهما: أُمر بالصبر على ما قذفه المشركون من أنه مجنون وأنه ساحر وأنه شاعر، قاله الحسن.
الثاني: أنه أُمر بالصبر على كفرهم، وذلك قبل أن يفرض جهادهم، قاله ابن زيد.
{ إنهم يَرَوْنه بعيداً } فيه قولان:
أحدهما: أنه البعث في القيامة.
الثاني: عذاب النار.
وفي المراد بالبعيد وجهان:
أحدهما: مستحيل غير كائن.
الثاني: استبعاد منهم للآخرة.
{ ونراه قريباً } أي كائناً، لأن ما هو كائن قريب.