التفاسير

< >
عرض

وَأَنَّا لَمَسْنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً
٨
وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ ٱلآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً
٩
وَأَنَّا لاَ نَدْرِيۤ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي ٱلأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً
١٠
-الجن

النكت والعيون

{ وأنا لَمسْنا السّماءَ } فيه وجهان:
أحدهما: طلبنا السماءَ، والعرب تعبر عن الطلب باللمس تقول جئت ألمس الرزق وألتمس الرزق.
الثاني: قاربنا السماء، فإن الملموس مقارَب.
{ فوَجدْناها } أي طرقها.
{ مُلئتْ حَرَساً شديداً } هم الملائكة الغلاظ الشداد.
{ وشُهُباً } جمع شهاب وهو انقضاض الكواكب المحرقة لهم عند استراق السمع، واختلف في انقضاضها في الجاهلية قبل مبعث الرسول الله صلى الله عليه وسلم على قولين:
أحدهما: أنها كانت تنقض في الجاهلية، وإنما زادت بمبعث الرسول إنذاراً بحاله، قال أوس بن حجر، وهو جاهلي:

فانقضّ كالدُّرِّيِّ يَتْبَعهُ نقعٌ يثورُ تخالُهُ طُنُباً

وهذا قول الأكثرين.
الثاني: أن الانقضاض لم يكن قبل المبعث وإنما أحدثه الله بعده، قال الجاحظ: وكل شعر روي فيه فهو مصنوع.
{ وأنّا كُنّا نَقْعُدُ منها مَقَاعِدَ للسّمْعِ } يعني أن مردة الجن كانوا يقعدون من السماء الدنيا مقاعد للسمع يستمعون من الملائكة أخبار السماء حتى يُلقوها إلى الكهنة فتجري على ألسنتهم، فحرسها اللَّه حين بعث رسوله بالشهب المحرقة، فقالت الجن حينئذٍ:
{ فمن يستمع الآن يجد له شهاباً رَصَداً } يعني بالشهاب الكوكب المحرق، والرصد من الملائكة.
أما الوحي فلم تكن الجن تقدر على سماعه، لأنهم كانوا مصروفين عنه من قبل.
{ وأنّا لا نَدْرِي أشَرٌ أُريدَ بمن في الأرضِ أمْ أرادَ بهم ربُّهم رَشَداً } فيه وجهان:
أحدهما: أنهم لا يدرون هل بعث الله محمداً ليؤمنوا به ويكون ذلك منهم رشداً ولهم ثواباً، أم يكفروا به فيكون ذلك منهم شراً وعليهم عقاباً، وهذا معنى قول السدي وابن جريج.
الثاني: أنهم لا يدرون حراسة السماء بالشهب هل شر وعذاب أم رشد وثواب، قاله ابن زيد.