التفاسير

< >
عرض

رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلرَّحْمَـٰنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً
٣٧
يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً
٣٨
ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً
٣٩
إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً
٤٠
-النبأ

النكت والعيون

{ يومَ يقومُ والرُّوحُ الملائكةُ صَفّاً } في الروح ها هنا ثمانية أقاويل:
أحدها: الروح خلق من خلق الله كهيئة الناس وليسوا أناساً، وهم جند للَّه سبحانه، قاله أبو صالح.
الثاني: أنهم أشرف الملائكة، قاله مقاتل بن حيان.
الثالث: أنهم حفظة على الملائكة، قاله ابن أبي نجيح.
الثالث: أنهم حفظة على الملائكة خلقاً، قاله ابن عباس.
الرابع: أنه ملك من أعظم الملائكة خلقاً، قاله ابن عباس.
الخامس: هو جبريل عليه السلام، قاله سعيد بن جبير.
السادس: أنهم بنو آدم، قاله قتادة.
السابع: أنهم بنو آدم، قاله قتادة.
الثامن: أنه القرآن، قاله زيد بن أسلم.
{ لا يتكلمونَ إلا مَنْ أَذِنَ له الرحمنُ } فيه قولان:
أحدهما: لا يشفعون إلا من أذن له الرحمن في الشفاعة، قاله الحسن.
الثاني: لا يتكلمون في شيء إلا من أذن له الرحمن شهادة أن لا إله إلا الله، قاله ابن عباس.
{ وقالَ صَواباً } فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: يعني حقاً، قاله الضحاك.
الثاني: قول لا إله إلا الله، قاله أبو صالح.
الثالث: أن الروح يقول يوم القيامة: لا تُدخل الجنة إلا بالرحمة، ولا النار إلا بالعمل، فهو معنى قوله " وقال صواباًَ" قاله الحسن.
ويحتمل رابعاً: أنه سؤال الطالب وجواب المطلوب، لأن كلام الخلق في القيامة مقصور على السؤال والجواب.
{ ذلك اليومُ الحقُّ } يعني يوم القيامة، وفي تسميته الحق وجهان:
أحدهما: لأن مجئيه حق وقد كانوا على شك.
الثاني: أنّ الله تعالى يحكم فيه بالحق بالثواب والعقاب.
{ فمن شاءَ اتّخَذ إلى ربِّه مآباً } فيه وجهان:
أحدهما: سبيلاً، قاله قتادة.
الثاني: مرجعاً، قاله ابن عيسى.
ويحتمل ثالثاً: اتخذ ثواباً لاستحقاقه بالعمل لأن المرجع يستحق على المؤمن والكافر.
{ إنّا أنذْرْناكم عَذاباَ قريباً } فيه وجهان:
أحدهما: عقوبة الدنيا، لأنه أقرب العذابين، قاله قتادة، وقاله مقاتل: هو قتل قريش ببدر.
الثاني: عذاب يوم القيامة، لأنه آت وكل آت قريب، وهو معنى قول الكلبي.
{ يومَ ينظُرُ المْرءُ ما قدَّمَتْ يَداهُ } يعني يوم ينظر المرء ما قدّم من عمل خير، قال الحسن: قدَّم فقَدِم على ما قَدَّم. ويحتمل أن يكون عامّاً في نظر المؤمن إلى ما قدّم من خير، ونظر الكافر إلى ما قدّم من شر.
{ ويقولُ الكافرُ يا لَيْتني كنتُ تُراباً } قال مجاهد يبعث الحيوان فيقاد للمنقورة من الناقرة، وللمركوضة من الراكضة، وللمنطوحة من الناطحة، ثم يقول الرب تعالى: كونوا تراباً بلا جنة ولا نار، فيقول الكافر حينئذ: يا ليتني كنت تراباً وفي قوله ذلك وجهان:
أحدهما: يا ليتني صرت اليوم مثلها تراباً بلا جنة ولا نار، قاله مجاهد. الثاني: يا ليتني كنت مثل هذا الحيوان في الدنيا وأكون اليوم تراباً، قاله أبو هريرة: وهذه من الأماني الكاذبة كما قال الشاعر:

ألا يا ليتني والمْرءُ مَيْتُ وما يُغْني من الحدثانِ لَيْت.

قال مقاتل: نزل قوله تعالى: { يوم ينظر المرء ما قدّمت يداهُ } في أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي، ونزل قوله تعالى: { ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً } في أخيه الأسود بن عبد الأسد.