{ يومَ يقومُ والرُّوحُ الملائكةُ صَفّاً } في الروح ها هنا ثمانية أقاويل:
أحدها: الروح خلق من خلق الله كهيئة الناس وليسوا أناساً، وهم جند للَّه
سبحانه، قاله أبو صالح.
الثاني: أنهم أشرف الملائكة، قاله مقاتل بن حيان.
الثالث: أنهم حفظة على الملائكة، قاله ابن أبي نجيح.
الثالث: أنهم حفظة على الملائكة خلقاً، قاله ابن عباس.
الرابع: أنه ملك من أعظم الملائكة خلقاً، قاله ابن عباس.
الخامس: هو جبريل عليه السلام، قاله سعيد بن جبير.
السادس: أنهم بنو آدم، قاله قتادة.
السابع: أنهم بنو آدم، قاله قتادة.
الثامن: أنه القرآن، قاله زيد بن أسلم.
{ لا يتكلمونَ إلا مَنْ أَذِنَ له الرحمنُ } فيه قولان:
أحدهما: لا يشفعون إلا من أذن له الرحمن في الشفاعة، قاله الحسن.
الثاني: لا يتكلمون في شيء إلا من أذن له الرحمن شهادة أن لا إله إلا الله،
قاله ابن عباس.
{ وقالَ صَواباً } فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: يعني حقاً، قاله الضحاك.
الثاني: قول لا إله إلا الله، قاله أبو صالح.
الثالث: أن الروح يقول يوم القيامة: لا تُدخل الجنة إلا بالرحمة، ولا النار إلا
بالعمل، فهو معنى قوله " وقال صواباًَ" قاله الحسن.
ويحتمل رابعاً: أنه سؤال الطالب وجواب المطلوب، لأن كلام الخلق في
القيامة مقصور على السؤال والجواب.
{ ذلك اليومُ الحقُّ } يعني يوم القيامة، وفي تسميته الحق وجهان:
أحدهما: لأن مجئيه حق وقد كانوا على شك.
الثاني: أنّ الله تعالى يحكم فيه بالحق بالثواب والعقاب.
{ فمن شاءَ اتّخَذ إلى ربِّه مآباً } فيه وجهان:
أحدهما: سبيلاً، قاله قتادة.
الثاني: مرجعاً، قاله ابن عيسى.
ويحتمل ثالثاً: اتخذ ثواباً لاستحقاقه بالعمل لأن المرجع يستحق على المؤمن
والكافر.
{ إنّا أنذْرْناكم عَذاباَ قريباً } فيه وجهان:
أحدهما: عقوبة الدنيا، لأنه أقرب العذابين، قاله قتادة، وقاله مقاتل: هو قتل
قريش ببدر.
الثاني: عذاب يوم القيامة، لأنه آت وكل آت قريب، وهو معنى قول الكلبي.
{ يومَ ينظُرُ المْرءُ ما قدَّمَتْ يَداهُ } يعني يوم ينظر المرء ما قدّم من عمل خير،
قال الحسن: قدَّم فقَدِم على ما قَدَّم. ويحتمل أن يكون عامّاً في نظر المؤمن إلى ما
قدّم من خير، ونظر الكافر إلى ما قدّم من شر.
{ ويقولُ الكافرُ يا لَيْتني كنتُ تُراباً } قال مجاهد يبعث الحيوان فيقاد
للمنقورة من الناقرة، وللمركوضة من الراكضة، وللمنطوحة من الناطحة، ثم يقول
الرب تعالى: كونوا تراباً بلا جنة ولا نار، فيقول الكافر حينئذ: يا ليتني كنت تراباً
وفي قوله ذلك وجهان:
أحدهما: يا ليتني صرت اليوم مثلها تراباً بلا جنة ولا نار، قاله مجاهد.
الثاني: يا ليتني كنت مثل هذا الحيوان في الدنيا وأكون اليوم تراباً، قاله أبو
هريرة: وهذه من الأماني الكاذبة كما قال الشاعر:
ألا يا ليتني والمْرءُ مَيْتُ وما يُغْني من الحدثانِ لَيْت.
قال مقاتل: نزل قوله تعالى: { يوم ينظر المرء ما قدّمت يداهُ } في أبي سلمة بن
عبد الأسد المخزومي، ونزل قوله تعالى: { ويقول الكافر يا ليتني كنت تراباً } في أخيه
الأسود بن عبد الأسد.