{ وأَغْطَشَ لَيْلَها وأَخْرَجَ ضُحاها } معناه أظلم ليلها، وشاهد الغطش أنه
الظلمة قول الأعشى:
عَقَرْتُ لهم مَوْهِنا ناقتي وغامِرُهُمْ مُدْلَهِمٌّ غَطِشْ
يعني يغمرهم ليلهم لأنه غمرهم بسواده.
وفي قوله: " وأخرج ضُحاها" وجهان:
أحدهما: أضاء نهارها وأضاف الليل والضحى إلى السماء لأن منهما الظلمة
والضياء.
الثاني: قال ابن عباس أن أخرج ضحاها: الشمس.
{ والأرضَ بَعْد ذلك دَحاها } في قوله " بَعْد" وجهان:
أحدهما: مع وتقدير الكلام: والأرض مع ذلك دحاها، لأنها مخلوقة
قبل السماء، قاله ابن عباس ومجاهد.
الثاني: أن " بعد" مستعملة على حقيقتها لأنه خلق الأرض قبل السماء ثم دحاها
بعد السماء، قاله ابن عمر وعكرمة. وفي " دحاها" ثلاثة أوجه:
أحدها: بسطها، قاله ابن عباس، قال أمية بن أبي الصلت:
وَبَثَّ الخلْق فيها إذْ دَحاها فَهُمْ قُطّانُها حتى التنادي
قال عطاء: من مكة دحيت الأرض، وقال عبد الله بن عمر: من موضع الكعبة
دحيت.
الثاني: حرثها وشقها، قاله ابن زيد.
الثالث: سوّاها، ومنه قول زيد بن عمرو:
وأسْلَمْتُ وجهي لمن أسْلَمتْ له الأرضُ تحمل صَخْراً ثِقالا
دحاها فلما اسْتَوتْ شدّها بأيْدٍ وأرْسَى عليها الجبالا