قوله عز وجل: { إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ } فيه وجهان:
أحدهما: تستنصرون.
الثاني: تستجيرون.
والفرق بين المستنصر والمستجير أن المستنصر: طالب الظفر، والمستجير:
طالب الخلاص.
والفرق بين المستغيث والمستعين أن المستغيث: المسلوب القدرة، والمستعين
الضعيف القدرة.
{ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ } أي فأعانكم.
والفرق بين الاستجابة والإجابة أن الإجابة ما لم يتقدمها امتناع.
{ أَنَِّي مُمِدُّكُم بَأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ } فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: مع كل ملك ملك، وهو قول ابن عباس فتكون الألف ألفين. قال
الشاعر:
إذا الجوزاء أردفت الثريا ظننت بآل فاطمة الظنونـــا
الثاني: معناه متتابعين، قاله السدي، وقتادة.
الثالث: معنى مردفين أي ممدّين، والإرداف إمداد المسلمين بهم، قاله
مجاهد.
{ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى } فيه وجهان:
أحدهما: أن البشرى هي في مددهم بألف من الملائكة بشروهم بالنصر فكانت
هي البشرى التي ذكرها الله تعالى.
والثاني: البشرى النصرة التي عملها الله لهم.
{ وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ } فيه وجهان:
أحدهما: بالبشرى.
والثاني: بالملائكة.
واختلفوا في قتال الملائكة معهم على قولين:
أحدهما: لم يقاتلوا وإنما نزلوا بالبشرى لتطمئن به قلوبهم، وإلا فملك واحد
يهلك جميع المشركين كما أهللك جبريل قوم لوط.
الثاني: أن الملائكة قاتلت مع النبي صلى الله عليه وسلم كما روى ابن مسعود أنه سأله أبو
جهل: من أين كان يأتينا الضرب ولا نرى الشخص؟ قال: "مِن قِبَلِ الْمَلاَئِكَةِ"
فقال: هم غلبونا لا أنتم.
وقوله: { وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ } لئلا يتوهم أن النصر من قبل الملائكة لا
من قبل الله تعالى.