{ فإذا جاءَتِ الصّاخّةُ } فيها قولان:
أحدهما: أنها النفخة الثانية التي يصيخ الخلق لاستماعها، قاله الحسن، ومنه
قول الشاعر:
يُصِيخُ للنْبأَة أَسْماعه إصاخَةَ الناشدِ للمُنْشِد
الثاني: أنه اسم من أسماء القيامة، لإصاخة الخلق إليها من الفزع، قاله ابن
عباس.
{ يوم يَفِرُّ المرءُ مِن أخيه وأُمِّه وابيه وصاحِبتِه وبنيه } وفي فراره منهم ثلاثة أوجه:
أحدها: حذراً من مطالبتهم إياه للتبعات التي بينه وبينهم.
الثاني: حتى لا يروا عذابه.
الثالث: لاشتغاله بنفسه، كما قال تعالى بعده:
{ لكل امرىء منهم يومئذ شأنٌ يُغْنِيهِ } أي يشغله عن غيره.
{ وجوهٌ يومئذٍ مُسفِرةٌ } فيه وجهان:
أحدهما: مشرقة.
الثاني: فرحة، حكاه السدي.
{ ضَاحكةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ } يحتمل وجهين:
أحدهما: ضاحكة من مسرة القلب.
الثاني: ضاحكة من الكفار شماتة وغيظاً، مستبشرة بأنفسها مسرة وفرحاً.
{ ووجوهٌ يومَئذٍ عليها غبرَةٌ } يحتمل وجهين:
أحدهما: أنه غبار جعل شيناً لهم ليتميزوا به فيعرفوا.
الثاني: أنه كناية عن كمد وجوههم بالحزن حتى صارت كالغبرة.
{ ترْهقُها قَتَرةٌ } فيه خمسة أقاويل:
أحدها: تغشاها ذلة وشدة، قاله ابن عباس.
الثاني: خزي، قال مجاهد.
الثالث: سواد، قاله عطاء.
الرابع: غبار، قاله السدي، وقال ابن زيد: القترة ما ارتفعت إلى السماء
والغبرة: ما انحطت إلى الأرض.
الخامس: كسوف الوجه، قاله الكلبي ومقاتل.
{ أولئك هم الكَفَرَةُ الفَجرَةُ } يحتمل جمعه بينهما وجهين:
أحدهما: أنهم الكفرة في حقوق الله، الفجرة في حقوق العباد.
الثاني: لأنهم الكفرة في أديانهم، الفجرة في أفعالهم.