{ كلاّ إنّ كتابَ الفُجّارِ لفي سِجِّينٍ } أما " كلا " ففيه وجهان:
أحدهما: حقاً.
الثاني: أن كلا للزجر والتنبيه.
وأما " سجّين " ففيه ثمانية أقاويل:
أحدها: في سفال، قاله الحسن.
الثاني: في خسار، قاله عكرمة.
الثالث: تحت الأرض السابعة، رواه البراء بن عازب مرفوعاً.
قال ابن أسلم: سجّين: الأرض السافلة، وسجّيل: سماء الدنيا.
قال مجاهد: سجّين صخرة في الأرض السابعة، فيجعل كتاب الفجار
تحتها.
الرابع: هو جب في جهنم، روى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الفلق
جُبٌّ في جهنم مغطّى، وسجّين جب في جهنم مفتوح."
الخامس: أنه تحت خد إبليس، قاله كعب الأحبار.
السادس: أنه حجر أسود تحت الأرض تكتب فيه أرواح الكفار، حكاه
يحيى بن سلام.
السابع: أنه الشديد قاله أبو عبيدة وأنشد:
ضرباً تَواصَتْ به الأبطالُ سِجِّينا
الثامن: أنه السجن، وهو فِعّيل من سجنته، وفيه مبالغة، قاله الأخفش
عليّ بن عيسى، ولا يمتنع أن يكون هو الأصل واختلاف التأويلات في محله.
ويحتمل تاسعاً: لأنه يحل من الإعراض عنه والإبعاد له محل الزجر والهوان
{ كِتابٌ مَرْقومٌ } فيه ثلاثة تأويلات:
أحدها: مكتوب، قاله أبو مالك.
الثاني: أنه مختوم، وهو قول الضحاك.
الثالث: رُقِم له بَشَرٌ لا يزاد فيهم أحد، ولا ينقص منهم أحد، قاله محمد بن
كعب وقتادة.
ويحتمل قولاً رابعاً، إن المرقوم المعلوم.
{ كلاّ بل رانَ على قُلوبِهم ما كانوا يَكْسبونَ } فيه أربعة تأويلات:
أحدها: أن " ران": طبع على قلوبهم، قاله الكلبي.
الثاني: غلب على قلوبهم، قاله ابن زيد، ومنه قول الشاعر:
وكم ران من ذنْب على قلب فاجر فتاب من الذنب الذي ران وانجلى
الثالث: ورود الذنب على الذنب حتى يعمى القلب، قاله الحسن.
الرابع: أنه كالصدإ يغشى القلب كالغيم الرقيق، وهذا قول الزجاج.