التفاسير

< >
عرض

وَٱلسَّمَآءِ ذَاتِ ٱلرَّجْعِ
١١
وَٱلأَرْضِ ذَاتِ ٱلصَّدْعِ
١٢
إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ
١٣
وَمَا هوَ بِٱلْهَزْلِ
١٤
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً
١٥
وَأَكِيدُ كَيْداً
١٦
فَمَهِّلِ ٱلْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً
١٧
-الطارق

النكت والعيون

{ والسماءِ ذاتِ الّرجْعِ } فيه أربعة أقاويل:
أحدها: ذات المطر، لأنه يرجع في كل عام، قاله ابن عباس.
الثاني ذات السحاب، لأنه يرجع بالمطر.
الثالث: ذات الرجوع إلى ما كانت، قاله عكرمة.
الرابع: ذات النجوم الراجعة، قاله ابن زيد.
ويحتمل خامساً: ذات الملائكة لرجوعهم إليها بأعمال العباد، وهذا قَسَمٌ.
{ والأرضِ ذاتِ الصّدْعِ } فيها أربعة أقاويل:
أحدها: ذات النبات لانصداع الأرض عنه، قاله ابن عباس.
الثاني: ذات الأودية، لأن الأرض قد انصدعت بها، قاله ابن جريج.
الثالث: ذات الطرق التي تصدعها المشاة، قاله مجاهد.
الرابع: ذات الحرث لأنه يصدعها.
ويحتمل خامساً: ذات الأموات، لانصداعها عنهم للنشور وهذان قسمان:
{ إنّهُ لَقَولٌ فَصْلٌ } على هذا وقع القَسَمُ، وفي المراد بأنه قول فصل قولان:
أحدهما: ما قدّمه عن الوعيد من قوله تعالى: " إنه على رجعه لقادر يوم تبلى السرائر" الآية. تحقيقاً لوعيده، فعلى هذا في تأويل قوله " فَصْل" وجهان:
أحدها: حد، قاله ابن جبير.
الثاني: عدل، قاله الضحاك.
القول: ان المراد بالفصل القرآن تصديقاً لكتابه، فعلى هذا في تاويل قوله " فصل " وجهان:
أحدهما: حق، قاله ابن عباس.
الثاني: ما رواه الحارث عن عليّ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
" كتابِ الله فيه خير ما قبلكم، وحكم ما بعدكم، هو الفصل ليس بالهزل، مَنْ تركه مِن جبّار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى في غيره أضله الله" .
{ وما هو بالهزْلِ } وهذا تمام ما وقع عليه القسم، وفيه ثلاثة أوجه:
أحدها: باللعب، قاله ابن عباس ومجاهد.
الثاني: بالباطل، قاله وكيع والضحاك.
الثالث: بالكذب، قاله السدي.
{ إنّهم يَكِيدُونَ كيْداً } يعني أهل مكة حين اجتمعوا في دار الندوة على المكر برسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قال تعالى: { وإذ يمْكَرُ بك الذين كَفَروا لِيُثْبِتوكَ أو يَقْتلوكَ أو يُخْرِجوكَ } فقال ها هنا: " إنهم يكيدون كيداً" أي يمكرون مكراً.
{ وأكيدُ كيْداً } يعني بالانتقام في الآخرة بالنار، وفي الدنيا بالسيف.
{ فمهّلِ الكافرين أَمْهِلْهم رُوَيْداً } فيه ثلاثة أوجه:
أحدها: قريباً، قاله ابن عباس.
الثاني: انتظاراً، ومنه قول الشاعر:

رُويْدك حتى تنطوي ثم تنجلي عمايةُ هذا العارضِ المتألّقِ

الثالث: قليلاً، قاله قتادة.
قال الضحاك: فقتلوا يوم بدر.
وفي " مهّل" وأمْهل" وجهان:
أحدهما: أنهما لغتان معناهما واحد.
الثاني: معناهما مختلف، فمهّل الكف عنهم، وأمْهِل انتظار العذاب لهم.