التفاسير

< >
عرض

وَعَلَى ٱلثَّلاَثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوۤاْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ
١١٨
يَـٰأيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّادِقِينَ
١١٩
-التوبة

النكت والعيون

قوله عز وجل: { وَعلَى الثَّلاَثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُواْ } يعني وتاب على الثلاثة الذين خلّفوا وفيه وجهان:
أحدهما: خلفوا عن التوبة وأخرت عليهم حين تاب عليهم، أي على الثلاثة الذين لم يربطوا أنفسهم مع أبي لبابة، قاله الضحاك وأبو مالك.
الثاني: خلفوا عن بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاله عكرمة.
وهؤلاء الثلاثة هم: هلال بن أمية ومرارة بن الربيع وكعب بن مالك.
{ حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ } لأن المسلمين امتنعوا من كلامهم.
{ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ } بما لقوه من الجفوة لهم.
{ وَظَنُّوآ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ } أي تيقنوا أن لا ملجأ يلجؤون إليه في الصفح عنهم وقبول التوبة منهم إلا إليه.
{ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ } قال كعب بن مالك: بعد خمسين ليلة من مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزاة تبوك.
{ لِيَتُوبُوآ } قال ابن عباس ليستقيموا لأنه قد تقدمت توبتهم وإنما امتحنهم بذلك استصلاحاً لهم ولغيرهم.
قوله عز وجل: { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَآمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } في هذه الآية قولان:
أحدهما: أنها في أهل الكتاب، وتأويلها: يا أيها الذين آمنوا من اليهود بموسى، ومن النصارى بعيسى اتقوا الله في إيمانكم بمحمد صلى الله عليه وسلم فآمنوا به، وكونوا مع الصادقين يعني مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في جهاد المشركين، قاله مقاتل بن حيان.
الثاني: أنها في المسلمين: وتأويلها: يا أيها الذين آمنوا من المسلمين اتقوا الله وفي المراد بهذه التقوى وجهان:
أحدهما: اتقوا الله من الكذب، قال ابن مسعود: إن الكذب لا يصلح في جدٍّ ولا هزل، اقرأُوا إن شئتم { يَآ أَيُّهَا الَّذِينَ ءَآمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } وهي قراءة ابن مسعود هكذا: من الصادقين.
والثاني: اتقوا الله في طاعة رسوله إذا أمركم بجهاد عدوِّه.
{ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ } فيهم أربعة أقاويل:
أحدها: مع أبي بكر وعمر، قاله الضحاك.
الثاني: مع الثلاثة الذين خُلفوا حين صدقوا النبي صلى الله عليه وسلم عن تأخرهم ولم يكذبوا. قاله السدي.
والثالث: مع من صدق في قوله ونيته وعمله وسره وعلانيته، قاله قتادة.
والرابع: مع المهاجرين لأنهم لم يتخلفوا عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ابن جريج.