قوله تعالى: {يَٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ قَدْ جَآءَتْكُمْ مَّوْعِظَةٌ}، تذكرة، {مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَآءٌ لِّمَا فِي ٱلصُّدُورِ}، أي: دواء للجهل، لما في الصدور. أي: شفاء لعَمَى القلوب، والصدر: موضع القلب، وهو أعز موضع في الإِنسان لجوار القلب، {وَهُدًى}، من الضلالة، {وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}، والرحمة هي النعمة على المحتاج، فإنه لو أهدى ملك إلى ملك شيئاً لا يقال قد رحمه، وإن كان ذلك نعمة فإنه لم يضعها في محتاج.
قوله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ ٱللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ}، قال مجاهد وقتادة: فضل الله: الإِيمان، ورحمته: القرآن.
وقال أبو سعيد الخدري: فضل الله القرآن ورحمته أن جعلنا من أهله.
وقال ابن عمر: فضل الله: الإِسلام، رحمته: تزيينه في القلب.
وقال خالد بن معدان: فضل الله: الإِسلام، ورحمته: السُّنَن
وقيل: فضل الله: الإِيمان، ورحته: الجنة.
{فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ}، أي: ليفرح المؤمنون أن جعلهم الله من أهله، {هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ}، أي: خير مما يجمعه الكفار من الأموال. وقيل: كلاهما خبر عن الكفار.
وقرأ أبو جعفر وابن عامر: «فليفرحُوا» بالياء و «تجمعون» بالتاء، وقرأ يعقوب كلاهما بالتاء مختلف عنه خطاباً للمؤمنين.
{قُلْ} يامحمد لكفار مكة، {أَرَأَيْتُمْ مَّآ أَنزَلَ ٱللَّهُ لَكُمْ مِّن رِّزْقٍ}، عبّر عن الخَلْقِ بالإِنزال، لأن ما في الأرض من خير، فمما أُنزل الله من رزق، من زرع وضرع، {فَجَعَلْتُمْ مِّنْهُ حَرَامًا وَحَلاَلاً}، هو ما حرموا من الحرث ومن الأنعام كالبحيرة والسائبة، والوصيلة، والحامِ. قال الضحاك: هو قوله تعالى:
{ وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلْحَرْثِ وَٱلأَنْعَامِ نَصِيباً } [الأنعام: 136]. {قُلْ ءَآللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ}، في هذا التحريم والتحليل، {أَمْ} بل، {عَلَى ٱللَّهِ تَفْتَرُونَ}، وهو قولهم: {وَٱللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا}.