التفاسير

< >
عرض

أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ
١
حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ
٢
كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ
٣
ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ
٤
كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ
٥
لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ
٦
-التكاثر

معالم التنزيل

{ أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ } شغلتكم المباهاة والمفاخرة بكثرة المال والعدد عن طاعة ربكم وما ينجيكم من سخطه.

{ حَتَّىٰ زُرْتُمُ ٱلْمَقَابِرَ }، حتى متم ودفنتم في المقابر.

قال قتادة: نزلت في اليهود, قالوا: نحن أكثر من بني فلان, وبنو فلان أكثر من بني فلان، شغلهم ذلك حتى ماتوا ضُلاَّلاً.

وقال مقاتل والكلبي: نزلت في حيين من قريش؛ بني عبد مناف بن قصي, وبني سهم بن عمرو, كان بينهم تفاخر، فتعادَّ السادة والأشراف أيهم أكثر عدداً؟ فقال بنو عبد مناف: نحن أكثر سيداً وأعز عزيزاً وأعظم نفراً وأكثر عدداً، وقال بنو سهم مثل ذلك، فكثرهم بنو عبد مناف، ثم قالوا: نعدُّ موتانا, حتى زاروا القبور فعدوهم، فقالوا: هذا قبر فلان وهذا قبر فلان فكثرهم بنو سهم بثلاثة أبيات لأنهم كانوا في الجاهلية أكثر عدداً، فأنزل الله هذه الآية.

أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي, أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري, أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي, حدثنا عبد الرحيم بن منيب, حدثنا النضر بن شُمَيْل, عن قتادة عن مطرف بن عبد الله بن الشخِّير, عن أبيه قال: انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ هذه الآية: { أَلْهَاكُمُ ٱلتَّكَّاثُرُ }، قال: "يقول ابن آدم: مالي مالي, وهل لك من مالك, إلا ما أكلتَ فأفنيتَ أو لَبِسْتَ فأبليتَ أو تصدقت فأمضيت"

أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي, أخبرنا محمد بن يوسف, حدثنا محمد بن إسماعيل, حدثنا الحميدي, حدثنا سفيان, حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن عمرو بن حزم أنه سمع أنس بن مالك يقول: قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَتْبَعُ الميت ثلاثةٌ, فيرجع اثنان ويبقى معه واحد، يتبعهُ أهلُه ومالُه وعملُه, فيرجع أهله وماله، ويبقى عمله" .

ثم رد الله عليهم فقال:

{ كَلاَّ } ليس الأمر بالتكاثر، { سَوْفَ تَعْلَمُونَ }، وعيد لهم, ثم كرره تأكيداً فقال:

{ ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ }، قال الحسن, ومقاتل: هو وعيد بعد وعيد, والمعنى: سوف تعلمون عاقبة تكاثركم وتفاخركم إذا نزل بكم الموت.

وقال الضحاك: { كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ }, يعني الكفار، { ثُمَّ كَلاَّ سَوْفَ تَعْلَمُونَ } يعني المؤمنين, وكان يقرأ الأولى بالياء والثانية بالتاء.

{ كَلاَّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ ٱلْيَقِينِ }, أي: علماً يقيناً, فأضاف العلم إلى اليقين كقوله: { لَهُوَ حَقُّ ٱلْيَقِينِ }، وجواب "لو" محذوف, أي: لو تعلمون علماً يقيناً لشغلكم ما تعلمون عن التكاثر والتفاخر.

قال قتادة: كنا نتحدث أن علم اليقين أن يعلم أن الله باعثه بعد الموت.

{ لَتَرَوُنَّ ٱلْجَحِيمَ }، قرأ ابن عامر والكسائي "لتُرَوُن" بضم التاء من أريته الشيء، وقرأ الآخرون بفتح التاء, أي: ترونها بأبصاركم من بعيد.