{ أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ }، بل يقولون اختلقه، { فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مِّثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ }.
فإن قيلَ: قد قال في سورة يونس: { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ }، وقد عجزوا عنه فكيف قال: { فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ }، فهو كرجل يقول لآخر: أعطِني درهماً فيعجز، فيقول: أعطِني عشرة؟.
الجواب: قد قيل سورة هود أولاً.
وأنكر المبرد هذا، وقال: بل نزلت سورة يونس أولاً، وقال: معنى قوله في سورة يونس: { فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ }، أي: مثله في الخبر عن الغيب والأحكام والوعد والوعيد، فعجزوا فقال لهم في سورة هود: إن عجزتم على الإِتيان بسورة مثله في الأخبار والأحكام والوعد والوعيد فأتوا بعشر سور مثله من غير خبر ولا وعد ولا وعيد، وإنما هي مجرد البلاغة، { وَٱدْعُواْ مَنِ ٱسْتَطَعْتُمْ }، واستعينوا بمن استطعتم، { مِّن دُونِ ٱللَّهِ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ }.
{ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُواْ لَكُمْ }، يا أصحاب محمد. وقيل: لفظه جمع والمراد به الرسول صلى الله عليه وسلم وحده. { فَٱعْلَمُوۤاْ }، قيل: هذا خطاب مع المؤمنين. وقيل: مع المشركين، { أَنَّمَآ أُنزِلِ بِعِلْمِ ٱللَّهِ }، يعني: القرآن. وقيل: أنزله وفيه علمه، { وَأَن لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ }، أي: فاعلموا أن لا إله إلا هو، { فَهَلْ أَنتُمْ مُّسْلِمُونَ }، لفظه استفهام ومعناه أمر، أي: أسلموا.
قوله تعالى: { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْحَيَوٰةَ ٱلدُّنْيَا }، أي: من كان يريد بعلمه الحياة الدنيا، { وَزِينَتَهَا }، نزلت في كل من عمل عملاً يريد به غير الله عزّ وجلّ { نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا }، أي: نُوَفِّ لهم أجور أعمالهم في الدنيا بسعة الرزق ودفع المكاره وما أشبهها. { وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ }، أي: في الدنيا لا ينقص حظهم.