قوله تعالى: { فَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا صَـٰلِحاً وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا }، بنعمة منّا، { وَمِنْ خِزْىِ يَوْمِئِذٍ }، أي: من عذابه وهوانه، قرأ أبو جعفر ونافع والكسائي: «خزي يومَئذ» و «عذاب يومَئذ»، بفتح الميم. وقرأ الباقون بالكسر. { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْقَوِىُّ ٱلْعَزِيزُ }.
{ وَأَخَذَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ }، كفروا، { ٱلصَّيْحَةُ }، وذلك أنّ جبريل عليه السلام صاح صيحة واحدة فهلكوا جميعاً. وقيل: أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شيء في الأرض، فتقطعت قلوبهم في صدورهم. وإنما قال: «وأخذ» الصيحةُ مؤنثة، لأن الصيحة بمعنى الصياح. { فَأَصْبَحُواْ فِى دِيَارِهِمْ جَـٰثِمِينَ }، صَرْعَى هلكَى.
{ كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ فِيهَا }، يقيموا ويكونوا فيها { أَلاَ إِنَّ ثَمُودَ كَفرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْداً لِّثَمُودَ }، قرأ حمزة وحفص ويعقوب: «ثمودَ» غير منون، وكذلك في سورة الفرقان والعنكبوت والنجم، ووافق أبو بكر في النجم، وقرأ الباقون بالتنوين، وقرأ الكسائي: «لثمودٍ» بخفض الدال والتنوين، والباقون بنصب الدال، فمن جرّه فلأنه اسم مذكر، ومن لم يجرّه جعله اسماً للقبيلة.
قوله تعالى: { وَلَقَدْ جَآءَتْ رُسُلُنَآ إِبْرَٰهِيمَ بِٱلْبُـشْرَىٰ }، أراد بالرسل الملائكة. واختلفوا في عددهم، فقال ابن عباس وعطاء: كانوا ثلاثة: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل.
وقال الضحاك: كانوا تسعة.
وقال مقاتل: كانوا اثنى عشر مَلَكاً.
وقال محمد بن كعب: كان جبريل ومعه سبعة.
وقال السدي: كانوا أحد عشر مَلَكاً على صورة الغلمان الوضاء وجوههم.
{ بِٱلْبُـشْرَىٰ } بالبشارة بإسحاق ويعقوب. وقيل: بإهلاك قوم لوط.
{ قَالُواْ سَلَـٰماً }، أي: سلّمُوا سلاماً، { قَالَ } إبراهيم { سَلَـٰمٌ }، أي عليكم سلام: وقيل: هو رفع على الحكاية، كقوله تعالى:
{ { وَقُولُواْ حِطَّةٌ } [البقرة:85 والأعراف:161]، وقرأ حمزة والكسائي «سِلْم» هاهنا وفي سورة الذاريات بكسر السين بلا ألف. قيل: هو بمعنى السلام. كما يقال: حِل وحَلال، وحِرم وحَرام. وقيل: هو بمعنى الصلح، أي: نحن سلم أي صلح لكم غير حرب.
{ فَمَا لَبِثَ أَن جَآءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ }، والحنيذ والمحنوذ: هو المشوي على الحجارة في خَدٌّ من الأرض، وكان سميناً يسيل دسماً، كما قال في موضع آخر:
{ فَجَآءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ } [الذاريات: 26]: قال قتادة: كان عامة مال إبراهيم البقر.