التفاسير

< >
عرض

فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً
٣
-النصر

معالم التنزيل

{ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوِٰبَا }، فإنك حينئذ لاحقٌ به.

أخبرنا عبد الواحد المليحي, أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي, أخبرنا محمد بن يوسف, حدثنا محمد بن إسماعيل, حدثنا أبو النعمان, حدثنا أبو عوانة عن أبي بشر, عن سعيد بن جبير عن ابن عباسٍ قال: كان عمر يُدْخِلني مع أشياخ بدر فقال بعضهم: لِمَ تُدْخِل هذا الفتى معنا ولنا أبناءٌ مثله؟ فقال: إنه ممَّن قد علمتم، قال: فدعاهم ذاتَ يوم ودعاني معهم، قال: وما رأيتُه دعاني يومئذ إلا لِيُرِيَهم مني، فقال: ما تقولون في قوله: { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } حتى ختم السورة؟ فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا جاء نصرنا وفتح علينا، وقال بعضهم: لا ندري، ولم يقل بعضهم شيئاً، فقال لي: يا ابن عباس أكذلك تقول؟ قلت: لا، قال: فما تقول؟ قلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه به: { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ } فتح مكة، فذلك علامة أجلك { فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوِٰبَا }، فقال عمر: ما أعلم منها إلا ما تعلم.

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي, أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي, أخبرنا محمد بن يوسف, حدثنا محمد بن إسماعيل, حدثني عثمان بن أبي شيبة, حدثنا جرير عن منصور عن أبي الضّحى عن مسروقٍ, عن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ أن يقولَ في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك، اللهم اغفر لي" يتأوَّل القرآن.

أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر, أخبرنا عبد الغافر بن محمد بن عيسى الجلودي, حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان, حدثنا مسلم بن الحجاج, حدثنا محمد بن المثنى, حدثني عبد الأعلى, حدثنا داود عن عامر, عن مسروقٍ, عن عائشة؛ قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكْثِرُ من قول: سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه، قالت: فقلت يا رسول الله، أراك تكثر من قول: سبحان الله وبحمده, أستغفر الله وأتوب إليه؟ فقال: أخبَرَني ربي أني سأرى علامةً في أمتي، فإذا رأيتَها أكْثِرْ من قول: سبحان الله وبحمده, أستغفر الله وأتوب إليه، فقدْ رأيتُها: { إِذَا جَآءَ نَصْرُ ٱللَّهِ وَٱلْفَتْحُ }، فالفتح فتح مكة، { وَرَأَيْتَ ٱلنَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَٱسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابَا }" .

قال ابن عباس: لما نزلت هذه السورة علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه نُعيتْ إليه نفسه.

قال الحسن: أعلم أنه قد اقترب أجله فأُمَر بالتسبيح والتوبة, ليختم له بالزيادة في العمل الصالح.

قال قتادة ومقاتل: عاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه السورة سنتين.