التفاسير

< >
عرض

قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ
١
-الفلق

معالم التنزيل

{ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ }, قال ابن عباس, وعائشة - رضي الله عنهما -: كان غلام من اليهود يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدبت إليه اليهود، فلم يزالوا به حتى أخذ مُشَاطة رأسِ النبي صلى الله عليه وسلم وعدَّة أسنانٍ من مشطه، فأعطاها اليهود فسحروه فيها، وتولَّى ذلك لَبِيدُ بن الأَعْصمِ, رجلٌ من اليهود، فنزلت السورتان فيه.

أخبرنا أبو حامد أحمد بن عبد الله الصالحي, أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي, حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم, حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أخبرنا أنس بن عياض عن هشام عن أبيه عن عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم: طُبَّ حتى إنه ليُخَيَّل إليه أنه قد صنع شيئاً وما صنعه, وأنه دعا ربه, ثم قال: أَشَعَرْتِ أن الله تعالى أَفْتانِي فيما استفتيتُه فيه، فقالت عائشة: وما ذاك يا رسولَ الله؟ قال: جاءني رجلان فجلس أحدهما عند رأسي والآخر عند رِجْلَيَّ، فقال أحدهما لصاحبه: ما وَجَعُ الرَّجُل؟ قال الآخر: هو مَطْبُوبٌ، قال: من طّبَّه؟ قال: لَبِيدُ بنُ الأَعْصَمِ، قال: في ماذا؟ قال في مُشْطٍ ومُشَاطة وجُفِّ طَلْعَةٍ ذَكَرٍ، قال: فأين هو؟ قال: في ذَرْوَانَ - وذروانُ بئرٌ في بني زُرَيْقٍ - قالت عائشة: فأتاها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم, ثم رجع إلى عائشة، فقال: والله لكأنَّ ماءها نُقَاعةُ الحِنَّاء, ولكأنَّ نخلَها رؤوسُ الشياطين, قالت: فقلت له: يا رسول الله هلاَّ أخرجتَه؟ قال: أما أنا فقد شفاني الله, فكرهت أن أُثِير على الناس به شراً" .

وروي أنه كان تحت صخرة في البئر, فرفعوا الصخرة وأخرجوا جُفَّ الطلعة, فإذا فيه مشاطة رأسه, وأسنان مشطه:

أخبرنا المطهر بن علي الفارسي, أخبرنا محمد بن إبراهيم الصالحاني, حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر أبو الشيخ الحافظ, أخبرنا ابن أبي عاصم, حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة, حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال: سَحَرَ النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ من اليهود، قال: فاشتكى لذلك أياماً، قال: فأتاه جبريل، فقال: إن رجلاً من اليهود سحرك وعقد لك عقداً، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم علياً فاستخرجها فجاء بها، فجعل كلما حلّ عقدة وجد لذلك خفة، فقام رسول الله كأنما نشط من عقال، فما ذكر ذلك لليهود ولا رأوه في وجهه قط.

قال مقاتل والكلبي: كان في وتر عُقِد عليه إحدى عشرة عقدة. وقيل: كانت العُقَدُ مغروزة بالإبرة، فأنزل الله هاتين السورتين وهما إحدى عشرة آية؛ سورة الفلق خمس آيات، وسورة الناس ست آيات، كلما قرئت آية انحلَّت عقدة، حتى انحلت العُقدُ كلُّها، فقام النبي صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال.

وروي: أنه لبث فيه ستة أشهر واشتد عليه ثلاث ليال، فنزلت المعوذتان:

أخبرنا إسماعيل بن عبد القاهر, أخبرنا عبد الغافر بن محمد, أخبرنا محمد بن عيسى الجلودي, حدثنا إبراهيم بن محمد بن سفيان, حدثنا مسلم بن الحجاج, حدثنا بشر بن هلال الصواف, حدثنا عبد الوارث حدثنا عبد العزيز بن صهيب, عن أبي نضرة, عن أبي سعيد: "أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد اشتكيتَ؟ قال: نعم، فقال: بسم الله أرقيك من كل شيء يؤذيك من شر كل نفس أو عين حاسد الله يشفيك، بسم الله أرقيك والله يشفيك" .

قوله عزّ وجلّ: { قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ ٱلْفَلَقِ }، أراد بالفلق: الصبح وهو قول جابر بن عبد الله والحسن, وسعيد بن جبير, ومجاهد, وقتادة, وأكثر المفسرين، وهي رواية العوفي عن ابن عباس بدليل قوله: { فَالِقُ ٱلإِصْبَاحِ }.

وروي عن ابن عباس: إنه سجن في جهنم. وقال الكلبي: وادٍ في جهنم.

وقال الضحاك: يعني الخلق، وهي رواية الوالبي عن ابن عباس، والأول هو المعروف.