{ وَلَمَّا فَتَحُواْ مَتَـٰعَهُمْ }، الذي حملوه من مصر، { وَجَدُواْ بِضَـٰعَتَهُمْ }، أي: ثمن الطعام، { رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قَالُواْ يَٰأَبَانَا مَا نَبْغِى }، أي: ماذا نبغي وأي شيء نطلب؟ وذلك أنهم ذكروا ليعقوب عليه السلام إحسان الملك إليهم وحثّوه على إرسال بنيامين معهم، فلما فتحوا المتاع ووجدوا البضاعة، { هَـٰذِهِ بِضَـٰعَتُنَا رُدَّتْ إِلَيْنَا }، أيُّ شيء نطلب بالكلام فهذا هو العيان من الإِحسان والإِكرام، أوْفَى لنا الكيلَ ورَدَّ علينا الثمن، أرادوا تطييب نفس أبيهم، { وَنَمِيرُ أَهْلَنَا }، أي: نشتري لهم الطعام فنحمله إليهم. يقال: مار أهله يَمِيْر مَيْراً: إذا حمل إليهم الطعام من بلد إلى بلد آخر. ومثله أمتار يمتار امتياراً. { وَنَحْفَظُ أَخَانَا } بنيامين، أي: مما تخاف عليه. { وَنَزْدَادُ }، على أحملنا، { كَيْلَ بَعِيرٍ }، أي: حمل بعير يكال لنا من أجله، لأنه كان يعطي باسم كل رجل حمل بعير، { ذَٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ }، أي: ما حملنا قليل لا يكفينا وأهلنا. وقيل: معناه ونزداد كيل بعير ذلك كيل يسير لا مؤنة فيه ولا مشقة.
وقال مجاهد: البعير هاهنا هو الحمار. كيل بعير، أي: حمل حمار، وهي لغة، يقال للحمار: بعير. وهم كانوا أصحاب حُمُرٍ والأول أصح أنه البعير المعروف.
{ قَالَ } لهم يعقوب، { لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّىٰ تُؤْتُونِ }، تعطوني { مَوْثِقاً }، ميثاقاً وعهداً، { مِّنَ ٱللَّهِ }، والعهد الموثَّق: المؤكّد بالقسم. وقيل: هو المؤكّد بإشهاد الله على نفسه، { لَتَأْتُنَّنِى بِهِ }، وأدخل اللام فيه لأن معنى الكلام اليمين، { إِلاَّ أَن يُحَاطَ بِكُمْ }، قال مجاهد: إلاّ أن تهلكوا جميعاً.
وقال قتادة: إلاّ أن تغلبوا حتى لا تطيقوا ذلك.
وفي القصة: أن الأخوة ضاق الأمر عليهم وجهدوا أشد الجهد، فلم يجد يعقوب بداً من إرسال بنيامين معهم.
{ فَلَمَّآ ءَاتَوْهُ مَوْثِقَهُمْ }، أعطوه عهودهم، { قَالَ }، يعني: يعقوب { ٱللَّهُ عَلَىٰ مَا نَقُولُ وَكِيلٌ }، شاهد. وقيل: حافظ. قال كعب: لما قال يعقوب فالله خير حافظاً، قال الله عزّ وجلّ: وعزتي لأُرُدَّنَّ عليك كليهما بعدما توكّلتَ عليّ.