التفاسير

< >
عرض

يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ
١٧
-إبراهيم

معالم التنزيل

{ يَتَجَرَّعُهُ }: أي: يتحسَّاهُ ويشربه، لا بمرةٍ واحدة، بل جرعةً جرعةً، لمرارتِه وحرارته، { وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ }، و"يكاد": صلة، أي: لا يسيغه، كقوله تعالى: { { لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا } [النور: 40] أي: لم يَرَهَا.

قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ: لا يجيزه.

وقيل: معناه يكاد لا يسيغه، ويسيغه فيغلي في جوفه.

أخبرنا محمد بن عبدالله بن أبي توبة، أخبرنا محمد بن أحمد بن الحارث، أنبأنا محمد بن يعقوب الكسائي، أخبرنا عبدالله بن محمود، أخبرنا إبراهيم بن عبدالله الخلال، حدثنا عبدالله بن المبارك، عن صفوان بن عمرو، عن عبيد الله بن بُسْر، عن أبي أمامة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: { وَيُسْقَىٰ مِن مَّآءٍ صَدِيدٍ يَتَجَرَّعُهُ }، قال: "يقرب إلى فيه فيتكرهه، فإذا أُدني منه شوى وجهه، ووقعت فروة رأسه، فإذا شربه قطَّع أمعاءه، حتى يخرج من دُبُره" ، يقول الله عزّ وجلّ: { { وَسُقُواْ مَآءً حَمِيماً فَقَطَّعَ أَمْعَآءَهُمْ } [محمد:15]، ويقول: { { وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَآءٍ كَٱلْمُهْلِ يَشْوِي ٱلْوجُوهَ } [الكهف: 29].

وقوله عزّ وجلّ: { وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ }، يعني: يجدُ همَّ الموت وأَلمهُ من كل مكان من أعضائه.

قال إبراهيم التيمي: حتى من تحت كل شعرة من جسَده.

وقيل: يأتيه الموت من قدامه ومن خلفه، ومن فوقه ومن تحته، وعن يمينه وعن شماله.

{ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ }، فيستريح، قال ابن جريج: تعلق نفسه عند حنجرته فلا تخرج من فيه فيموت، ولا ترجع إلى مكانها من جوفه فتنفعه الحياة. نظيرها { { ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا } [الأعلى:13].

{ وَمِن وَرَآئِهِ }، أمامه، { عَذَابٌ غَلِيظٌ }، شديدٌ، وقيل: العذاب الغليظ الخلود في النار.