{ مُهْطِعِينَ }، قال قتادة: مسرعين.
قال سعيد بن جبير: الاهطاع النَّسَلان كعَدْوِ الذئب.
قال مجاهد: مديمي النظر.
ومعنى "الإِهطاع": أنهم لا يلتفتون يميناً ولا شمالاً، ولا يعرفون مواطن أقدامهم.
{ مُقْنِعِى رُءُوسِهِمْ }، أي: رافعي رؤوسهم.
قال القتيبي: المُقْنِعُ: الذي يرفع رأسه ويقبل ببصره على ما بين يديه.
وقال الحسن: وجوه الناس يوم القيامة إلى السماء، لا ينظر أحدٌ إلى أحد.
{ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ } أي: لا ترجع إليهم أبصارهم من شدة النظر، وهي شاخصة قد شغلهم ما بين أيديهم.
{ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ }، أي: خالية. قال قتادة: خرجت قلوبهم عن صدورهم، فصارت في حناجرهم، لا تخرج من أفواههم ولا تعود إلى أمكانها، فالأفئدة هواء لا شيء فيها، ومنه سُمِّي ما بين السماء والأرض هواء لِخُلُوِّهِ.
وقيل: خالية لا تعي شيئاً ولا تعقل من الخوف.
وقال الأخفش: جوفاء لا عقول لها. والعرب تسمي كل أجوف خاوٍ هواء.
وقال سعيد بن جبير: { وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَآءٌ } أي: مترددة، تمور في أجوافهم، ليس لها مكان تستقرُّ فيه.
وحقيقة المعنى: أن القلوب زائلة عن أماكنها، والأبصار شاخصة من هول ذلك اليوم.
{ وَأَنذِرِ ٱلنَّاسَ }، خوّفهم، { يَوْمَ }، أي: بيوم، { يَأْتِيهِمُ ٱلْعَذَابُ }، وهو يوم القيامة، { فَيَقُولُ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ }، أشركوا، { رَبَّنَآ أَخِّرْنَآ }، أملهنا، { إِلَىٰ أَجَلٍ قَرِيبٍ }، هذا سؤالهم الردّ إلى الدنيا، أي: ارجِعْنا إليها، { نُّجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ ٱلرُّسُلَ }، فيجابون:
{ أَوَلَمْ تَكُونُوۤاْ أَقْسَمْتُمْ مِّن قَبْلُ }، حلفتم في دار الدنيا، { مَا لَكُمْ مِّن زَوَالٍ }، عنها أي: لا تبعثون. وهو قوله تعالى:
{ { وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَـٰنِهِمْ لاَ يَبْعَثُ ٱللَّهُ مَن يَمُوتُ } [النحل: 38].