التفاسير

< >
عرض

وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ
٢١
وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ
٢٢
-الحجر

معالم التنزيل

{ وَإِن مِّن شَىْءٍ }، أي: وما من شيء، { إِلاَّ عِندَنَا خَزَآئِنُهُ }، أي مفاتيح خزائنه.

وقيل: أراد به المطر.

{ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ }، لكل أرضٍ حدُّ مقدر، ويقال: ما تنزل من السماء قطرة إلا ومعها ملك يسوقها حيث يريد الله عزّ وجلّ ويشاء.

وعن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده قال: في العرش مثال جميع ما خلق الله في البرّ والبحر، وهو تأويل قوله تعالى: { وَإِن مِّن شَىْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَآئِنُهُ }.

{ وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } أي: حوامل، لأنها تحمل الماء إلى السحاب، وهو جمع لاحقة، يقال: ناقة لاقحة إذا حملت الولد.

قال ابن مسعود: يرسل الله الريح فتحمل الماء فيمر به السحاب، فتدرُّ كما تدر اللقحة ثم تمطر.

وقال أبو عبيدة: أراد باللواقح الملاقح واحدتها ملقحة، لأنها تلقح الأشجار.

قال عبيد بن عمير: يبعث الله الريح المبشرة فتقمُّ الأرض قمَّاً، ثم يبعث الله المثيرة فتثير السحاب، ثم يبعث الله المؤلفة فتؤلف السحاب بعضه إلى بعض فتجعله ركاماً، ثم يبعث اللواقح فتلقح الشجر.

وقال أبو بكر بن عياش: لا تقطر قطرة من السحاب إلا بعد أن تعمل الرياح الأربع فيه، فالصَّبَا تهيجه، والشَّمال تجمعه، والجَنوب تذره، والدَّبُور تفرقه.

وفي الخبر: أن اللقح رياح الجنوب.

وفي بعض الآثار: ما هبت ريح الجنوب إلا وبعث عيناً غدقة.

وأما الريح العقيم: فإنها تأتي بالعذاب ولا تلقح.

أخبرنا عبدالوهاب بن محمد الخطيب، أخبرنا عبدالعزيز بن أحمد الخلال، حدثنا أبو العباس الأصم، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا من لا أتهم بحديثه، حدثنا العلاء بن راشد، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "ما هبَّت ريح قط إلا جثا النبي صلى الله عليه وسلم على ركبتيه، وقال: اللهم اجعلها رحمة ولا تجعلها عذاباً، اللهم اجعلها رياحاً ولا تجعلها ريحاً" . قال ابن عباس: في كتاب الله عزّ وجلّ: { { إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً } [القمر:19] { { إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ ٱلرِّيحَ ٱلْعَقِيمَ } [الذاريات41]، وقال: { { وَأَرْسَلْنَا ٱلرِّيَاحَ لَوَاقِحَ } [الحجر:22]، وقال: { { أَن يُرْسِلَ ٱلرِّيَاحَ مُبَشِّرَاتٍ } [الروم:46].

قوله: { فَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ }، أي: جعلنا المطر لكم سقياً، يقال: أسقى فلان فلاناً: إذا جعل له سقياً، وسقاه: إذا أعطاه ما يشرب. وتقول العرب: سقيت الرجل ماءً ولبناً إذا كان لسقيه فإذا جعلوا له ماء لشرب أرضه ودوابه تقول: أسقيته.

{ وَمَآ أَنْتُمْ لَهُ بِخَـٰزِنِينَ }، يعني المطر في خزائننا لا في خزائنكم. وقال سفيان: بمانعين.