التفاسير

< >
عرض

وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ لآتِيَةٌ فَٱصْفَحِ ٱلصَّفْحَ ٱلْجَمِيلَ
٨٥
إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْخَلاَّقُ ٱلْعَلِيمُ
٨٦
وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِي وَٱلْقُرْآنَ ٱلْعَظِيمَ
٨٧
-الحجر

معالم التنزيل

قوله تعالى: { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَإِنَّ ٱلسَّاعَةَ }، يعني: القيامة { لآتِيَةٌ }، يجازي المحسن بإحسانه والمسيء بإساءته، { فَٱصْفَحِ ٱلصَّفْحَ ٱلْجَمِيلَ }، فأعرضْ عنهم واعفُ عفواً حسناً، نسختها آية القتال.

{ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ ٱلْخَلَّـٰقُ ٱلْعَلِيمُ } بخلقه.

قوله تعالى: { وَلَقَدْ ءَاتَيْنَـٰكَ سَبْعاً مِّنَ ٱلْمَثَانِى }، قال عمر وعلي: هي فاتحة الكتاب. وهو قول قتادة وعطاء والحسن وسعيد بن جبير.

أخبرنا عبدالواحد بن أحمد المليحي، أخبرنا أحمد بن عبدالله النعيمي، أخبرنا محمد بن يوسف، حدثنا محمد بن إسماعيل، حدثنا آدم، حدثنا ابن أبي ذئب حدثنا سعيد المقبري، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم" .

وعن ابن مسعود قال: السبع المثاني: هي فاتحة الكتاب، والقرآن العظيم: هو سائر القرآن.

واختلفوا في أن الفاتحة لمَ سميت مثاني؟

فقال ابن عباس والحسن وقتادة: لأنها تُثنّى في الصلاة، فتقرأ في كل ركعة.

وقيل: لأنها مقسومة بين الله وبين العبد نصفين، نصفها ثناء ونصفها دعاء، كما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله عز وجل: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين" «.

وقال الحسين بن الفضل: سميت مثاني لأنها نزلت مرتين، مرة بمكة، ومرة بالمدينة، كل مرة معها سبعون ألف ملك.

وقال مجاهد: سميت مثاني لأن الله تعالى استثناها وادخرها لهذه الأمة فما أعطاها غيرهم.

وقال أو زيد البلخي: سميت مثاني لأنها تُثْنِي أهل الشر عن الفسق، من قول العرب: ثنيت عناني.

وقيل: لأن أولها ثناء.

وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس: أن السبع المثاني هي السبع الطوال، أولها سورة البقرة، وآخرها الأنفال مع التوبة. وقال بعضهم: سورة يونس بدل الأنفال.

أخبرنا أبو سعيد أحمد بن إبراهيم الشريحي، أنا أبو إسحاق الثعلبي، حدثنا أبو محمد الحسن ابن أحمد المخلدي أخبرنا أبو بكر محمد بن حمدون بن خالد وعبدالله بن محمد بن مسلم قالا: أنبأنا هلال بن العلاء، حدثنا حجاج ابن محمد عن أيوب بن عتبة، عن يحيى بن كثير، عن شداد بن عبدالله، عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى أعطاني السبع الطوال مكان التوراة، وأعطاني المِئِين مكان الإِنجيل وأعطاني مكان الزبور المثاني، وفضلني ربي بالمفصل" «.

وعن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أوتي النبي صلى الله عليه وسلم السبع الطوال، وأعطي موسى ستاً فلما ألقى الألواح رفع ثنتان وبقي أربع.

قال ابن عباس: وإنما سميت السبع الطوال مثاني لأن الفرائض والحدود والأمثال والخَبَر والعبر ثنيت فيها.

وقال طاووس: القرآن كله مثاني قال الله تعالى: { { ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ كِتَـٰباً مُّتَشَـٰبِهاً مَّثَانِىَ } [الزمر: 23]. وسمي القرآن مثاني لأن الأنباء والقصص ثنيت فيه.

وعلى هذا القول: المراد بالسبع سبعة أسباع القرآن، فيكون تقديره على هذا: وهي القرآن العظيم. وقيل: الواو مقحمة، مجازه: ولقد آتيناك سبعاً من المثاني والقرآن العظيم.