قوله تعالى: { وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ ٱللَّهِ } أي: وما يكن بكم من نعمة فمن الله، { ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ ٱلضُّرُّ }، القحط والمرض، { فَإِلَيْهِ تَجْـأرُونَ }، تضجُّون وتصيحون بالدعاء والاستغاثة.
{ ثُمَّ إِذَا كَشَفَ ٱلضُّرَّ عَنكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنكُم بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ }.
{ لِيَكْفُرُواْ }، ليجحدوا، وهذه اللام تُسمى لام العاقبة، أي: حاصل أمرهم هو كفرهم { بِمَآ ءَاتَيْنَـٰهُمْ } أعطيناهم من النعماء وكشف الضراء والبلاء، { فَتَمَتَّعُواْ }، أي: عيشوا في الدنيا المدة التي ضربتها لكم، { فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } عاقبة أمركم. هذا وعيدٌ لهم.
{ وَيَجْعَلُونَ لِمَا لاَ يَعْلَمُونَ }، له حقاً، أي: الأصنام، { نَصِيبًا مِّمَّا رَزَقْنَـٰهُمْ }، من الأموال، وهو ما جعلوا للأوثان من حروثهم وأنعامهم، فقالوا: هذا لله بزعمهم، وهذا لشركائنا.
ثم رجع من الخبر إلى الخطاب فقال: { تَٱللهِ لَتُسْئَلُنَّ }، يوم القيامة، { عَمَّا كُنتُمْ تَفْتَرُونَ }، في الدنيا.
{ وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ٱلْبَنَـٰتِ } وهم خزاعة وكنانة، قالوا: الملائكة بنات الله تعالى: { سُبْحَانَهُ وَلَهُم مَّا يَشْتَهُونَ }، أي: ويجعلون لأنفسهم البنين الذين يشتهونهم، فتكون "ما" في محل النصب، ويجوز أن تكون على الابتداء فتكون "ما" في محل الرفع.
{ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِٱلأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا }، متغيراً من الغمِّ والكراهية، { وَهُوَ كَظِيمٌ }، وهو ممتلىء حزناً وغيظاً، فهو يكظمه، أي: يمسكه ولا يظهره.