قوله: { وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِنَ ٱلْقُرُونِ } أي: المكذبة، { مِن بَعْدِ نُوحٍ }، يُخوّف كفار مكة، { وَكَفَىٰ بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا }، قال عبدالله بن أبي أوفٰى: القَرْنُ مائة وعشرون سنة، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول قرن، وكان في آخره يزيد بن معاوية.
وقيل: مائة سنة. ورُوي عن محمد بن القاسم عن عبدالله بن بسر المازني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على رأسه وقال:
"سيعيش هذا الغلام قرناً" قال محمد بن القاسم فما زلنا نعدُّ له حتى تم له مائة سنة، ثم مات.
قال الكلبي: ثمانون سنة. وقيل: أربعون سنة.
{ مَّن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعَـٰجِلَةَ }، يعني الدنيا، أي: الدار العاجلة، { عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَآءُ }، من البسط والتقتير، { لِمَن نُّرِيدُ }، أن نفعل به ذلك أو إهلاكه، { ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ } في الآخرة، { جَهَنَّمَ يَصْلَـٰهَا }، يدخل نارها، { مَذْمُومًا مَّدْحُورًا }، مطروداً مبعداً.
{ وَمَنْ أَرَادَ ٱلأََخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا }، عمل عملها، { وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَـٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا }، مقبولاً.
{ كُلاًّ نُّمِدُّ هَـٰؤُلاَۤءِ وَهَـٰؤُلاَۤءِ }، أي: نمد كلا الفريقين من يريد الدنيا ومن يريد الآخرة، { مِنْ عَطَآءِ رَبِّكَ }، أي: يرزقهما جميعاً ثم يختلف بهما الحال في المآل، { وَمَا كَانَ عَطَآءُ رَبِّكَ }، رزق ربك، { مَحْظُورًا }، ممنوعاً عن عباده، فالمراد من العطاء: العطاء في الدنيا وإلا فلا حظَّ للكفار في الآخرة.