{ ٱنظُرْ }، يا محمد، { كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ }، في الرزق والعمل الصالح يعني: طالب العاجلة وطالب الآخرة، { وَلَلأَخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَـٰتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً }.
{ لاَّ تَجْعَل مَعَ ٱللَّهِ إِلَـٰهًا ءَاخَرَ }، الخطاب مع النبي صلى الله عليه وسلم والمراد غيره.
وقيل: معناه لا تجعل أيها الإِنسان مع الله إِلَهاً آخر، { فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَّخْذُولاً }، مذموماً من غير حمد، مخذولاً من غير نصر.
قوله عزّ وجلّ: { وَقَضَىٰ رَبُّكَ }، وأمر ربك، قاله ابن عباس وقتادة والحسن.
قال الربيع بن أنس: وأوجب ربك.
قال مجاهد: وأوصى ربك.
وحكي عن الضحاك بن مزاحم أنه قرأها: ووصّى ربك. وقال: إنهم ألصقوا الواو بالصاد فصارت قافاً.
{ أَلاَّ تَعْبُدُوۤاْ إِلاَّ إِيَّـٰهُ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَـٰناً } أي: وأمر بالوالدين إحساناً براً بهما وعطفاً عليهما.
{ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ ٱلْكِبَرَ }، قرأ حمزة والكسائي بالألف على التثنية فعلى هذا قوله: { أَحَدُهُمَآ أَوْ كِلاَهُمَا }، كلام مستأنف، كقوله تعالى:
{ { ثُمَّ عَمُواْ وَصَمُّواْ كَثِيرٌ مِّنْهُمْ } [المائدة: 71] وقوله: { وَأَسَرُّواْ ٱلنَّجْوَى ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ } [الأنبياء: 3]، وقوله: "الذين ظلموا" ابتداء وقرأ الباقون { يَبْلُغَنَّ } على التوحيد.
{ فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ }، فيه ثلاث لغات، قرأ ابن كثير، وابن عامر، ويعقوب: بفتح الفاء، وقرأ أبو جعفر، ونافع، وحفص بالكسر والتنوين والباقون بكسر الفاء غير منون، ومعناها واحد وهي كلمة كراهية.
قال أبو عبيدة: أصل التف والأف الوسخ على الأصابع إذا فتلتها.
وقيل: "الأُفّ": ما يكون في المغابن من الوسخ، و"التفّ": ما يكون في الأصابع.
وقيل: "الأف" وسخ الأذن و"التف" وسخ الأظفار.
وقيل: "الأف": وسخ الظفر، و"التف" ما رفعته بيدك من الأرض من شيء حقير.
{ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا }، ولا تزجرهما.
{ وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا }، حسناً جميلاً ليّناً، قال ابن المسيب: كقول العبد المذنب للسيد الفظ.
وقال مجاهد: لا تسمّيهما، ولا تكنِّهما، وقل: يا أبتاه، يا أماه.
وقال مجاهد: في هذه الآية أيضاً: إذا بلغا عندك من الكبر ما يبولان فلا تتقذرهما، ولا تقل لهما أف حين تميط عنهما الخلاء والبول كما كانا يميطانه عنك صغيراً.