التفاسير

< >
عرض

وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ ٱلْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً
٢٩
إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً
٣٠
وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً
٣١
-الإسراء

معالم التنزيل

{ وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَىٰ عُنُقِكَ }، قال جابر: " أتٰى صبي فقال: يا رسول الله إنَّ أُمي تَسْتَكْسِيْكَ دِرْعاً، ولم يكن لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قميصه، فقال للصبي: من ساعة إلى ساعة يظهر، فَعُدْ وقتاً آخر، فعاد إلى أمه فقالت: قل له: إن أمي تستكسيك الدرع الذي عليك، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم داره فنزع قميصه فأعطاه إيّاه، وقعد عرياناً، فأذَّن بلال بالصلاة، فانتظروه فلم يخرج، فشغل قلوب أصحابه، فدخل عليه بعضهم فرآه عرياناً، فأنزل الله تعالى: ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك" . يعني: ولا تمسك يدك عن النفقة في الحق كالمغلولة يده لا يقدر على مدها.

{ وَلاَ تَبْسُطْهَا }، بالعطاء، { كُلَّ ٱلْبَسْطِ }، فتعطي جميع ما عندك، { فَتَقْعُدَ مَلُومًا }، يلومك سائلوك بالإِمساك إذا لم تعطهم. و"الملوم": الذي أتى بما يلوم نفسه، أو يلومه غيره، { مَّحْسُوراً } منقطعاً بك، لا شيء عندك تنفقه. يقال: حسرته بالمسألة إذا ألحفت عليه، ودابَّة حسيرة إذا كانت كالَّة رازحة.

قال قتادة { مَّحْسُوراً } نادماً على ما فرط منك.

{ إِنَّ رَبَّكَ يَبْسُطُ }، يوسع { ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ }، أي: يقتر ويضيق، { إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا }.

قوله تعالى: { وَلاَ تَقْتُلُوۤاْ أَوْلاَدَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَـٰقٍ }، فقر، { نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم }، وذلك أن أهل الجاهلية كانوا يئدون بناتهم خشية الفاقة فنهوا عنه، وأُخبروا أن رزقهم ورزق أولادهم على الله تعالى، { إنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا }، قرأ ابن عامر وأبو جعفر { خَطئاً } بفتح الخاء والطاء مقصوراً. وقرأ ابن كثير بكسر الخاء ممدوداً وقرأ الآخرون بكسر الخاء وجزم الطاء، ومعنى الكل واحد، أي: إثماً كبيراً.