التفاسير

< >
عرض

وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً
٧٠
-الإسراء

معالم التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِى ءَادَمَ }، روي عن ابن عباس أنه قال: هو أنهم يأكلون بالأيدي، وغير الآدمي يأكل بفيه من الأرض. وروي عنه أنه قال: بالعقل.

وقال الضحاك: بالنطق. وقال عطاء: بتعديل القامة وامتدادها، والدواب منكبَّة على وجوهها. وقيل: بحسن الصورة. وقيل: الرجال باللَّحٰى والنساء بالذوائب. وقيل: بأن سخر لهم سائر الأشياء. وقيل: بأن منهم خير أمة أخرجت للناس.

{ وَحَمَلْنَـٰهُمْ فِى ٱلْبَرِّ وَٱلْبَحْرِ }، أي: حملناهم في البر على الدواب وفي البحر على السفن.

{ وَرَزَقْنَـٰهُمْ مِّنَ ٱلطَّيِّبَـٰتِ }، يعني: لذيذ المطاعم والمشارب. قال مقاتل: السمن، والزُّبد، والتمر،والحلوى، وجعل رزق غيرهم مالا يخفى.

{ وَفَضَّلْنَـٰهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً }، وظاهر الآية أنه فضلهم على كثير ممن خلقهم لا على الكل.

وقال قوم: فُضِّلوا على جميع الخلق إلا على الملائكة.

وقال الكلبي: فضلوا على الخلائق كلهم إلا على طائفة من الملائكة: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل، ومَلَك الموت، وأشباههم.

وفي تفضيل الملائكة على البشر اختلاف، فقال قوم: فضلوا على جميع الخلق وعلى الملائكة كلهم، وقد يوضع الأكثر موضع الكل كما قال تعالى:{ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَىٰ مَن تَنَزَّلُ ٱلشَّيَاطِينُ } إلى قوله تعالى: { { وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ } [والشعراء: 223] أي: كلهم.

وفي الحديث عن جابر يرفعه قال: "لما خلق الله آدم وذريته قالت الملائكة: يا ربِّ خلقتهم يأكلون ويشربون وينكحون، فاجعل لهم الدنيا ولنا الآخرة، فقال تعالى: لا أجعل مَنْ خلقتُه بيدي ونفخت فيه من روحي كمن قلت له: كنْ فكان"

والأَوْلى أن يقال: عوامُّ المؤمنين أفضل من عوامِّ الملائكة، وخواصُّ المؤمنين أفضل من خواصِّ الملائكة. قال الله تعالى: { { إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ أُوْلَـٰئِكَ هُمْ خَيْرُ ٱلْبَرِيَّةِ } [البينة: 7].

وروي عن أبي هريرة أنه قال: "المؤمن أكرم على الله من الملائكة الذين عنده".