التفاسير

< >
عرض

وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَجَمَعْنَاهُمْ جَمْعاً
٩٩
وَعَرَضْنَا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَافِرِينَ عَرْضاً
١٠٠
ٱلَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطَآءٍ عَن ذِكْرِي وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً
١٠١
أَفَحَسِبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِي مِن دُونِيۤ أَوْلِيَآءَ إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ نُزُلاً
١٠٢
-الكهف

معالم التنزيل

قوله عزّ وجلّ: { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِى بَعْضٍ }، قيل: هذا عند فتح السد، يقول: تركنا يأجوج ومأجوج يموج، أي: يدخل، بعضهم في بعض، كموج الماء، ويختلط بعضهم ببعض لكثرتهم.

وقيل: هذا عند قيام الساعة، يدخل الخلق بعضهم في بعض، ويختلط إنسيهم بجنيِّهم حيارىٰ، { وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ }، لأن خروج يأجوج ومأجوج من علامات قرب الساعة، { فَجَمَعْنَـٰهُمْ جَمْعاً }، في صعيد واحد.

{ وَعَرَضْنَا }، أبرزنا، { جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَـٰفِرِينَ عَرْضاً }، حتى يشاهدوها عياناً.

{ ٱلَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِى غِطَآءٍ }، أي: غشاء، و"الغطاء": ما يغطى به الشيء ويستره، { عَن ذِكْرِي }، يعني: عن الإِيمان والقرآن، وعن الهدى والبيان. وقيل: عن رؤية الدلائل.

{ وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً }، أي: سَمْعَ القَبُولِ، والإِيمانِ، لغلبة الشقاوة عليهم.

وقيل: لا يعقلون وقيل: كانوا لا يستطيعون، أي: لا يقدرون أن يسمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يتلوه عليهم لشدة عداوتهم له، كقول الرجل: لا أستطيع أن أسمع من فلان شيئاً، لعداوته.

قوله عزّ وجلّ: { أَفَحَسِبَ }، أفظن، { ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِى مِن دُونِىۤ أَوْلِيَآءَ }، أرباباً، يريد بالعباد: عيسى، والملائكة، كلا بل هم لهم أعداء ويتبرؤون منهم.

قال ابن عباس: يعني الشياطين أطاعوهم من دون الله. وقال مقاتل: الأصنام سُمُّوا عباداً، كما قال: { إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ } [الأعراف: 194] وجواب هذا الاستفهام محذوف.

وقال ابن عباس: يريد إني لأغضب لنفسي، يقول: أفظنَّ الذين كفروا أن يتخذوا غيري أولياء وإني لا أغضب لنفسي ولا أعاقبهم.

وقيل: أفظنوا أنهم ينفعهم أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء.

{ إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَـٰفِرِينَ نُزُلاً }، أي: منزلاً، قال ابن عباس: هي مثواهم. وقيل: النزل ما يهيأ للضيف، يريد: هي معدة لهم عندنا كالنزل للضيف.