قوله عزّ وجلّ: {وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِى بَعْضٍ}، قيل: هذا عند فتح السد، يقول: تركنا يأجوج ومأجوج يموج، أي: يدخل، بعضهم في بعض، كموج الماء، ويختلط بعضهم ببعض لكثرتهم.
وقيل: هذا عند قيام الساعة، يدخل الخلق بعضهم في بعض، ويختلط إنسيهم بجنيِّهم حيارىٰ، {وَنُفِخَ فِى ٱلصُّورِ}، لأن خروج يأجوج ومأجوج من علامات قرب الساعة، {فَجَمَعْنَـٰهُمْ جَمْعاً}، في صعيد واحد.
{وَعَرَضْنَا}، أبرزنا، {جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِّلْكَـٰفِرِينَ عَرْضاً}، حتى يشاهدوها عياناً.
{ٱلَّذِينَ كَانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِى غِطَآءٍ}، أي: غشاء، و"الغطاء": ما يغطى به الشيء ويستره، {عَن ذِكْرِي}، يعني: عن الإِيمان والقرآن، وعن الهدى والبيان. وقيل: عن رؤية الدلائل.
{وَكَانُواْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً}، أي: سَمْعَ القَبُولِ، والإِيمانِ، لغلبة الشقاوة عليهم.
وقيل: لا يعقلون وقيل: كانوا لا يستطيعون، أي: لا يقدرون أن يسمعوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يتلوه عليهم لشدة عداوتهم له، كقول الرجل: لا أستطيع أن أسمع من فلان شيئاً، لعداوته.
قوله عزّ وجلّ: {أَفَحَسِبَ}، أفظن، {ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَن يَتَّخِذُواْ عِبَادِى مِن دُونِىۤ أَوْلِيَآءَ}، أرباباً، يريد بالعباد: عيسى، والملائكة، كلا بل هم لهم أعداء ويتبرؤون منهم.
قال ابن عباس: يعني الشياطين أطاعوهم من دون الله. وقال مقاتل: الأصنام سُمُّوا عباداً، كما قال:
{ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ } [الأعراف: 194] وجواب هذا الاستفهام محذوف.
وقال ابن عباس: يريد إني لأغضب لنفسي، يقول: أفظنَّ الذين كفروا أن يتخذوا غيري أولياء وإني لا أغضب لنفسي ولا أعاقبهم.
وقيل: أفظنوا أنهم ينفعهم أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء.
{إِنَّآ أَعْتَدْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَـٰفِرِينَ نُزُلاً}، أي: منزلاً، قال ابن عباس: هي مثواهم. وقيل: النزل ما يهيأ للضيف، يريد: هي معدة لهم عندنا كالنزل للضيف.