{ نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ } نقرأ عليك { نبَأَهُم }، خبر أصحاب الكهف. { بِٱلْحَقِّ }، بالصدق { إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ }، شبان، { ءَامَنُواْ بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَـٰهُمْ هُدًى }، إيماناً وبصيرة.
{ وَرَبَطْنَا }، وشددنا، { عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ }، بالصبر والتثبيت وقوّيناهم بنور الإِيمان حتى صبروا على هجران دار قومهم، ومفارقة ما كانوا فيه من العز وخصب العيش وفرّوا بدينهم إلى الكهف، { إِذْ قَامُواْ }، بين يدي دقيانوس حين عاتبهم على ترك عبادة الصنم، { فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ ٱلسَّمَـٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلـٰهاً }، قالوا ذلك لأن قومهم كانوا يعبدون الأوثان، { لَّقَدْ قُلْنَآ إِذًا شَطَطًا }، يعني: إن دعونا غير الله لقد قلنا إذاً شططاً، قال ابن عباس: جوراً. وقال قتادة: كذباً. وأصل الشطط والإِشطاط مجاوزة القدر والإِفراط.
{ هَـٰؤُلاۤءِ قَوْمُنَا } يعني: أهل بلدهم، { ٱتَّخَذْواْ مِن دُونِهِ }، أي: من دون الله، { ءَالِهَةً }، يعني: الأصنام يعبدونها، { لَّوْلاَ }، أي: هلا، { يَأْتُونَ عَلَيْهِم }، أي: على عبادتهم، { بِسُلْطَـٰنٍ بَيِّنٍ }، بحجة واضحة تبين وتوضح أن الأصنام تستحق العبادة من دون الله، { فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ ٱفْتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبًا }، وزعم أن له شريكاً وولداً.
ثم قال بعضهم لبعض: { وَإِذِ ٱعْتَزَلْتُمُوهُمْ }، يعني قومهم، { وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ }، قرأ ابن مسعود "وما يعبدون من دون الله"، وأما القراءة المعروفة فمعناها: أنهم كانوا يعبدون الله ويعبدون معه الأوثان، يقولون: وإذ اعتزلتموهم وجميع ما يعبدون إلا الله فإنكم لم تعتزلوا عبادته { فَأْوُواْ إِلَى ٱلْكَهْفِ }، فالجأوا إليه، { يَنشُرْ لَكُمْ }، يبسط لكم، { رَبُّكُم مِّن رَّحْمَتِهِ وَيُهَيِّىءْ لَكُمْ }، يسهل لكم، { مِّنْ أَمْرِكُم مِّرْفَقًا } أي: ما يعود إليه يسركم ورفقكم. قرأ أبو جعفر ونافع وابن عامر "مرفقاً" بفتح الميم وكسر الفاء، وقرأ الآخرون بكسر الميم وفتح الفاء، ومعناهما واحد، وهو ما يرتفق به الإِنسان.