قوله تعالى: { وَكَذَٰلِكَ بَعَثْنَـٰهُمْ }، أي: كما أنمناهم في الكهف وحفظنا أجسادهم من البلٰى على طول الزمان، فكذلك بعثناهم من النومة التي تشبه الموت، { لِيَتَسَآءَلُواْ بَيْنَهُمْ }، ليسأل بعضهم بعضاً، واللام فيه لام العاقبة، لأنهم لم يبعثوا للسؤال.
{ قَالَ قَآئِلٌ مِّنْهُمْ }، وهو رئيسهم مكسلمينا، { كَمْ لَبِثْتُمْ }، في نومكم؟ وذلك أنهم استنكروا طول نومهم. ويقال: إنهم راعهم ما فاتهم من الصلاة فقالوا ذلك.
{ قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْمًا }، وذلك أنهم دخلوا الكهف غدوة فقالوا فانتبهوا حين انتبهوا عشية، فقالوا: لبثنا يوماً، ثم نظروا وقد بقيت من الشمس بقية، فقالوا: { أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ }، فلما نظروا إلى طول شعورهم وأظفارهم علموا أنهم لبثوا أكثر من يوم.
{ قَالُواْ رَبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا لَبِثْتُمْ }، وقيل: إن رئيسهم مكسلمينا لما سمع الاختلاف بينهم قال: دعوا الاختلاف ربكم أعلم بما لبثتم، { فَٱبْعَثُواْ أَحَدَكُم بِوَرِقِكُمْ هَـٰذِهِ }، يعني يمليخا.
قرأ أبو عمرو، وحمزة، وأبو بكر: بورقكم ساكنة الراء والباقون بكسرهما، ومعناهما واحد، وهي الفضة مضروبةً كانت أو غير مضروبة.
{ إِلَىٰ ٱلْمَدِينَةِ }، قيل: هي طرسوس وكان اسمها في الجاهلية أفسوس فسموها في الإِسلام طرسوس.
{ فَلْيَنظُرْ أَيُّهَآ أَزْكَىٰ طَعَامًا } أي: أحلُّ طعاماً حتى لا يكون من غصْب أو سبب حرام، وقيل: أمروه أن يطلب ذبيحة مؤمن ولا يكون من ذبيحة من يذبح لغير الله وكان فيهم مؤمنون يخفون إيمانهم. وقال الضحاك: أطيب طعاماً. وقال مقاتل بن حيان: أجود طعاماً. وقال عكرمة أكثر، وأصل الزكاة الزيادة. وقيل: أرخص طعاماً.
{ فَلْيَأْتِكُم بِرِزْقٍ مِّنْهُ }، أي: قوت وطعام تأكلونه، { وَلْيَتَلَطَّفْ }، وليترفق في الطريق وفي المدينة وليكن في ستر وكتمان، { وَلاَ يُشْعِرَنَّ }، ولا يعلمن، { بِكُمْ أَحَدًا }، من الناس.